وما يصدق على المذهب المالكي يصدق على المذهب الشافعي، فقد ذكروا من السنن التي يشرع لها سجود السهو ترك القنوت في الصبح، وفي الوتر في النصف الثاني من رمضان، والقنوت في الوتر لا يمكن اعتباره من الواجبات عند غير الشافعية.
وقد ترجح لي مذهب المالكية والشافعية، وأنه لا يوجد في الصلاة ما يمكن اعتباره واجبًا فيها، فأفعال الصلاة إما فروض، وإما سنن، والسنن تتفاوت.
والحنفية والحنابلة وإن قالوا بقسم الواجب في أفعال الصلاة، إلا أنهم لا يتفقون على واجبات الصلاة إلا على واجب واحد، وهو التشهد الأول، وما عداها مما قال فيه الحنابلة: إنه واجب، فهو معدود من سنن الصلاة عند الحنفية، بل وعند جمهور العلماء، ورواية عن الإمام أحمد، فيكون اعتبارها من الواجبات مما انفرد فيه الحنابلة في إحدى الروايتين، كتكبيرات الانتقال، والتسميع، والتحميد، والتسبيح في الركوع والسجود، وقول: رب اغفر لي، وللإمام أحمد رواية توافق الجمهور على أن هذه سنة، ورواية أحمد التي توافق الجمهور أقوى من الرواية التي تخالفهم.
وكذلك كل الواجبات عند الحنفية عدا التشهد الأول مما انفرد فيه الحنفية في جعله من واجبات الصلاة، وأما الجمهور فمنه ما يعدونه من أركان الصلاة على الصحيح كقراءة الفاتحة، والطمأنينة، والترتيب بين السجدتين.
ومنه ما يعدونه من سنن الصلاة عند جمهور العلماء، كالجهر والإسرار في موضعهما. كل ذلك يدلك على ضعف وجود قسم الواجب في أفعال الصلاة.
• دليل من قال: لا يوجد في أفعال الصلاة ما هو واجب:
الدليل الأول:
لم يقم دليل صحيح على ثبوت قسم الواجب في أفعال الصلاة، والإجماع منعقد على أن الصلاة لها أركان وسنن، والسنن تتفاوت، واختلفوا في وجود قسم الواجب في أفعال الصلاة، والأصل عدم ثبوته حتى يقوم دليل صحيح سالم من الاعتراض على وجود هذا القسم.
فأما وجود الواجب لها فهو غير مدفوع، كالأذان والإقامة وستر العورة على