للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصحيح، وتركه لا يقتضي سجود السهو.

وإذا أردت الوقوف على أدلة هذه المسائل فارجع إليها مشكورًا في مظانها من أحكام صفة الصلاة، فقد درستها وناقشتها مسألة مسألة، ولا يمكن تحت هذا العنوان أن أناقش كل مسألة قال فيها الحنفية أو الحنابلة إنها من الواجبات لأبين أن الصواب فيها خلاف ذلك، فاختر يا رعاك الله أي مسألة اعتبرها الحنابلة أو الحنفية من واجبات الصلاة، وراجعها في أحكام صفة الصلاة من المجلد السابع إلى العاشر، وانظر في أدلتها بإنصاف، فإن سَلِمَت الأدلة القاضية بالوجوب من معارض قوي فقد ثبت وجود قسم الواجب في أفعال الصلاة، وإلا فلا مانع أن توجد عبادة قائمة على فروض وسنن، ولا واجبات فيها، والمقصود من النفي كما قلت نفي الواجب فيها، وأما الواجب لها فهو قسم ثابت، لا نزاع فيه.

الدليل الثاني:

الحكم على فعل بأنه ركن، أو سنة، أو واجب متلقى من الشارع، لا مجال للاجتهاد فيه، فالجلوس بين السجدتين ركن على الصحيح؛ لقوله في حديث المسيء صلاته (ثم اسجد حتى تطمن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا)، والجلوس للتشهد الأول واجب عند الحنابلة والحنفية، وسنة عند المالكية والشافعية، فلو كان الحكم للنظر لقيل: جلوس التشهد أولى أن يعد في الأركان؛ لأنه مقصود، بخلاف الجلوس بين السجدتين فهو للفصل بين السجدتين، حتى إنه لم يثبت فيه ذكر صحيح، بل لو قيل: إن الجلوس مطلقًا جزء من الماهية، فيلحق بالأركان لم يدفعه النظر، ولكن الحكم والتسليم للنص، والعقل تابع له، فالنظر يصيب ويخطئ، والفقه ثمرة لدلالة النص، لا يتقدمه، وكوننا منذ نعومة أظفارنا ونحن نتعلم واجبات الصلاة في مدارسنا، ونتلقاه عن شيوخنا، لا يجعل ذلك حقيقة مسلمة، فالمدار على الحجة، وليس كل عبادة يوجد في أفعالها ما هو واجب فيها، فالعبادات ثلاثة أقسام:

عبادات لا خلاف في وجود قسم الواجب في أفعالها وذلك مثل الحج.

وعبادات لا وجود لقسم الواجب في أفعالها وذلك مثل الوضوء على الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>