للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقراءة السورة مما زاد على الفاتحة لم يقل بوجوبها إلا الحنفية.

وإذا ترك المصلي قراءة السورة فقد ترك سنتين مؤكدتين، قال العدوي في حاشيته على كفاية الطالب: «قوله: (كالسورة) أي أنهما سنتان خفيفتان: ذاتها، وكونها سرًا أو جهرًا، أي فيسجد لهما، ولكن إذا ترك حتى طال لا تبطل صلاته» (١).

فكيف تكون واجبة، وتوصف بالسنة الخفيفة، وتركها لا يبطل الصلاة،

والتشهد الأول والأخير من السنن المؤكدة عند المالكية، ولم يجعلوهما في حكم الواجب، جاء في المدونة، «قال ابن القاسم: وقال مالك: إذا نسي الرجل التشهد في الصلاة حتى سلَّم، قال: إن ذكر ذلك، وهو في مكانه سجد لسهوه، وإن لم يذكر ذلك حتى يتطاول فلا شيء عليه إذا ذكر الله، قال: وليس كل الناس يعرف التشهد» (٢).

ولو كان التشهد واجبًا على المسلم لكان كل مسلم يعرف التشهد.

وقال ابن رشد في المقدمات بعد أن ذكر السنن الثمان المؤكدة، قال: «لا فرق بينها وبين الاستحبابات إلا في تأكيد فضائلها» (٣).

وعد القيرواني في الرسالة: أن ترك السنن المؤكدة من النقص الخفيف.

قال في الرسالة: «ومن نسي أن يسجد بعد السلام فليسجد متى ما ذكره وإن طال ذلك، وإن كان قبل السلام سجد إن كان قريبًا، وإن بَعُد ابتدأ صلاته، إلا أن يكون ذلك من نقص شيء خفيف، كالسورة مع أم القرآن، أو تكبيرتين، أو التشهدين، وشبه ذلك، فلا شيء عليه» (٤).

وكل ما وصفه بأنه من النقص الخفيف هو معدود عند المالكية من السنن المؤكدة، وكل من شرح الرسالة لم يتعقب القيرواني في وصفه السنة المؤكدة بالخفيفة، فخفتها دليل على نفي وجوبها، فلا يصح القول بأن السنة المؤكدة عند


(١) حاشية العدوي على كفاية الطالب (١/ ٣١٨).
(٢) المدونة (١/ ٢٢١).
(٣) المقدمات الممهدات (١/ ١٦٤).
(٤) الرسالة للقيرواني (ص: ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>