للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان (١).

وجه الاستدلال:

قوله: (فليطرح … ثم يسجد سجدتين) فيه الأمر بطرح الشك والسجود، والأصل في الأمر المجرد عن القرائن حمله على الوجوب، وهو ظاهر الكتاب والسنة، وعلى هذا جمهور الأصوليين والفقهاء، فمن أراد أن يحمل هذا الأمر على الاستحباب فلابد له من قرينة تمنع حمل الأمر على ظاهره.

• ويناقش:

هذا الدليل من أقوى أدلة القائلين بالوجوب، ويجاب عليه من وجهين:

الوجه الأول:

الأوامر الشرعية تأتي للوجوب، وتأتي للاستحباب، والمتيقن الاستحباب، فلا يصار للوجوب إلا بقرينة، ولا قرينة في هذه الأمر أنه للوجوب.

قال شيخنا ابن عثيمين في شرحه لقواعد الأصول ومعاقد الفصول: «بأن الأمر إذا لم يكن هناك قرينة تدل على الوجوب فهو للندب؛ لأن الأصل عدم التأثيم بتركه».

وهذا هو آخر القولين لشيخنا، وكان قبلُ يرى أن الأصل في الأمر للوجوب.

الوجه الثاني:

على التسليم بأن الصيغة للوجوب فإنه يتساهل في الصوارف فيصرف الأمر من الوجوب إلى الندب لأدنى صارف لأنك تجد أوامر في الشريعة قد صرفت عن الوجوب للندب ولا يعرف لها صارف إلا ما ينقدح في نظر المجتهد وفهمه، كحديث: (يا غلام سَمِّ الله وكل بيمينك) (٢)، فالتسمية للأكل عند جمهور الفقهاء ليست للوجوب، والصارف ليست قرينة لفظية منعت القول بالوجوب، كما لو نقل ترك التسمية أحيانًا، أو أقر النبي أحدًا على ترك التسمية، وإنما ظهر للمجتهد


(١) صحيح مسلم (٨٨ - ٥٧١).
(٢) صحيح البخاري (٥٣٧٦)، وصحيح مسلم (٢٠٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>