للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وظاهر تعليل البهوتي الصحة مطلقًا، ولو لم يقصد إلا التنبيه، والمقصود بالتنبيه الجواب، وليس مجرد إخباره بأنه في صلاة؛ لأنه حين قطع قراءتها وانتقل إلى آية أخرى مناسبة كانت جوابًا كما لو قال لرجل اسمه يحيى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ﴾، [مريم: ١٢] وقوله: ﴿ادخلوها بسلام﴾، فالآيتان حملتا جوابًا وليس تنبيهًا أنه في صلاة.

الرواية الثانية: أن صلاته باطلة؛ لأنه خطاب آدمي، فأشبه ما لو كلمه (١).

وقال القاضي أبو يعلى: «إن قصد بما تقدم من ذلك كله الذكر فقط: لم تبطل، وإن قصد خطاب آدمي بطلت، وإن قصدهما فوجهان:

أحدهما: لا تفسد.

والثاني: تفسد صلاته؛ لأنه خاطب آدميًّا أشبه ما لو كلمه» (٢).

وتفصيل القاضي أبي يعلى موافق لمذهب الشافعية، ومخالف للمذهب؛ ولذلك نسبه الحنابلة للقاضي، بعد ذكرهم المذهب.

هذه نصوص فقهائنا عليهم رحمة الله في المسألة، وفي بعضها تجد تفصيلًا أو تقسيمًا ليس في المذهب الآخر، وجهود فقهائنا عليهم رحمة الله يكمل بعضها بعضًا. وقد استدللت لبعضها في معرض الأقوال؛ لكون بعض التعاليل لا تحتمل أن يفرد لها عنوانًا خاصًّا في الأدلة وبقي بعض الأقوال لم أتعرض لها بالاستدلال، وسوف أذكر لها من الاستدلال ما أمكن بعد أن ألخص الخلاف، فالقصد ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

• القسم الأول: أن يقصد الإعلام أنه في صلاة، أو الثناء لسماع ما يسره، ولم يقصد الجواب.

فهذا لا يبطل الصلاة قولًا واحدًا.

وهذا يكون بالذكر في أي موضع من الصلاة.

ويكون في القرآن عند المالكية بشرط أن يكون جوابه بالقراءة تصادف محلها، وهذا إنما يتحقق لو شرع بعد الفراغ من الفاتحة، بقوله: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ﴾، أو


(١) الإنصاف (٢/ ١٠٢).
(٢) الإنصاف (٢/ ١٠٢)، الشرح الكبير على المقنع (١/ ٦٢١)، التعليق الكبير في المسائل الخلافية للقاضي أبي يعلى (١/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>