للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الجواب الثاني: أنه ذكر أنهم لم ينهوا عن الكلام حتى نزلت الآية، وهي إنما نزلت بعد الهجرة بالاتفاق، فعلم أن كلامهم استمر في الصلاة بالمدينة، حتى نزلت هذه الآية (١).

يبقى الجواب عن قول ابن مسعود: (فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا .... ) (٢).

قال ابن حجر: «قول ابن مسعود إن ذلك وقع لما رجعوا من عند النجاشي وكان رجوعهم من عنده إلى مكة، وذلك أن بعض المسلمين هاجر إلى الحبشة، ثم بلغهم أن المشركين أسلموا فرجعوا إلى مكة، فوجدوا الأمر بخلاف ذلك، واشتد الأذى عليهم، فخرجوا إليها أيضًا، فكانوا في المرة الثانية أضعاف الأولى، وكان ابن مسعود مع الفريقين».

واختلف في مراده بقوله: (فلما رجعنا) هل أراد الرجوع الأول أو الثاني؟

فجنح القاضي أبو الطيب الطبري وآخرون: إلى الأول، وقالوا: كان تحريم الكلام بمكة، وحملوا حديث زيد على أنه وقومه لم يبلغهم النسخ، وقالوا: لا مانع أن يتقدم الحكم، ثم تنزل الآية بوفقه.

وجنح آخرون إلى الترجيح، فقالوا: يترجح حديث ابن مسعود بأنه حكى لفظ النبي بخلاف زيد بن أرقم فلم يحكه.

وقال آخرون: إنما أراد ابن مسعود رجوعه الثاني، وقد ورد أنه قدم المدينة


(١) انظر: فتح الباري لابن رجب (٩/ ٢٩٤).
(٢) صحيح البخاري (١١٩٩)، وصحيح مسلم (٣٤ - ٥٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>