عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس وفيه: أن المرور كان أمام الصف، وليس أمام النبي ﷺ، والحديث في الصحيحين.
ولا يمكن معارضة ما رواه صهيب أبو الصهباء على ما فيه من جهالة واختلاف في عينه، واختلاف عليه في لفظه بما رواه بحور العلم وأئمة الهدى المتفق على إمامتهم وضبطهم.
الوجه الثالث:
لو فرضنا وجود التعارض بين هذه الأحاديث، وأنها قد تساوت في الصحة، وهذا يقال على سبيل الجدل، والواقع ليس كذلك:
فإن حديث صهيب عن ابن عباس ﵄ سنة فعلية، وحديث أبي ذر ﵁ وأبي سعيد الخدري ﵁ سنة قولية.
وإذا تعارض الفعل مع القول قدم القول؛ لأنه صريح في النهي، ولأن القول له عموم عند أهل الأصول، بخلاف الفعل، فله احتمالات كثيرة:
منها أن الفعل قد يكون قضية عين، لا عموم لها.
ومنها: أن الفعل قد يكون صارفًا للنهي من التحريم إلى الكراهة.
ومنها: أن الفعل قد يكون دعت إليه حاجة أو ضرورة أباحته، أو جهل المار بالحكم، أو صدر الفعل منه عن غفلة إن كان قد علمه.
ومنها: أن الفعل قد يكون جاريًا على البراءة الأصلية، والقول ناقل عنها.
ومنها: أن المرور قد يكون بين يدي المصلي من وراء السترة، إلى غير ذلك من الاحتمالات، فلا يقدم الفعل على صريح القول.
وبعض الفقهاء يرى أن فعل النبي ﷺ إذا عارض قوله حمل الفعل على الخصوصية والقول للأمة، وهذا فيه نظر؛ فالأصل التأسي، والله أعلم.
الوجه الرابع:
أن الرسول ﷺ إما أن يكون قد اتخذ سترة، أو لا.
فإن كان لم يتخذ سترة، وهو بعيد، فحريم المصلِّي ثلاثة أذرع من موضع قدميه، فما جاوزه لا يؤثر على صلاته، فمن أين لنا أن مرور الحمار كان دون ثلاثة أذرع بين