للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفي الباب أحاديث كثيرة تركتها اقتصارًا، وبعضها سوف يأتي معنا في ثنايا البحث للاحتجاج به على بعض فروع هذه المسألة.

• دليل من قال: الصلاة تبطل بالعمل الكثير عمدًا من غير حاجة:

لم يختلف الفقهاء أن الصلاة تبطل بالعمل الكثير المتوالي إذا كان عمدًا، ولم يكن هناك حاجة أو ضرورة.

قال في الإنصاف: «اعلم أن الصلاة تبطل بالعمل الكثير عمدًا بلا نزاع أعلمه» (١).

وقال ابن قدامة: «النوع الثاني: زيادة من غير جنس الصلاة، كالمشي والحك، والتَّرَوُّحِ (استعمال المروحة)، فإن كَثُر متواليًا أبطل الصلاة إجماعًا» (٢).

وقال النووي: «اتفقوا على أن الكثير منه يبطل الصلاة» (٣).

ولأن العمل في الصلاة لا يخلو: إما أن يكون من جنس الصلاة، كالركوع والسجود، فهذا إنْ تعمده بطلت صلاته بلا خلاف، وإنْ فَعَلَه سهوًا جُبِرَ بسجود السهو.

وإما أن يكون عملًا ليس من جنس الصلاة، فهذا إنْ تعمد كثيره بلا حاجة بطلت صلاته؛ لأن كل عمل كثير بلا غرض للمصلي ولا مصلحة للصلاة عبث منافٍ للصلاة، فالصلاة كما تمنعه من الكلام مع الناس إجماعًا، تمنعه من العبث في الصلاة، وقد تكلمنا على مسألة العبث في الصلاة في مسألة مستقلة.

قال عبد الرحمن بن قدامة في الشرح الكبير: «العمل ينقسم إلى عمل من جنس الصلاة وقد ذكرناه، وعمل من غير جنس الصلاة كالحك والمشي والتروح، فهذا تبطل الصلاة بكثيره عمدًا كان أو سهوًا بالإجماع» (٤).

والتسوية بين العامد والساهي فيه خلاف حتى عند الحنابلة، وإن كان المُعْتَمَدُ في مذهب الأئمة الأربعة عدمَ التفريق بين العامد والساهي.


(١) الإنصاف (٤/ ١٨).
(٢) الكافي لابن قدامة (١/ ٢٧٨).
(٣) روضة الطالبين (١/ ٢٩٣).
(٤) الشرح الكبير (٤/ ١٨ - ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>