• دليل من قال: الحركة الكثيرة من الساهي تبطل الصلاة كالعامد:
قالوا: الحركة الكثيرة في الصلاة بلا حاجة لها حكمان: تكليفي، ووضعي:
فالتكليفي: يتعلق بالإثم، والساهي لا إثم عليه إجماعًا.
وأما الوضعي: وهو الحكم ببطلان الصلاة بالحركة الكثيرة بلا حاجة، فهذا يستوي فيه العامد والساهي، والمكلف وغيره؛ لأنه من باب ربط الأسباب بمسبباتها، ولهذا تجب الزكاة في أموال الصبي والمجنون، ولا تكليف عليهما، ويضمن النائم والناسي ما أتلفاه، وإن كان التكليف مرفوعًا وقت النوم والنسيان؛ لوجود سبب الضمان، وهو الإتلاف، فالحركة الكثيرة بلا حاجة سبب لفساد الصلاة، ولو صدرت من الساهي، وأما الإثم فيشترط فيه العمد.
• ويناقش:
بأن الكلام مبطل بالإجماع، وقد دل الدليل على أن المتكلم الساهي لا تبطل صلاته، كما سيأتي في أدلة القول التالي، فالحكم الوضعي أحيانًا يترتب على الحكم التكليفي رحمة من الشارع، ودفعًا لإفساد العبادة ما أمكن.
• دليل من اشترط العمد لإبطال الصلاة من الحركة الكثيرة:
(ح-٢٣٣٦) ما رواه البخاري من طريق ابن عون، عن ابن سيرين،
عن أبي هريرة، قال: صلى بنا رسول الله ﷺ إحدى صلاتي العشي - قال ابن سيرين: سماها أبو هريرة، ولكن نسيت أنا - قال: فصلى بنا ركعتين، ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة؟ وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول، يقال له: ذو اليدين، قال: يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال: لم أنس ولم تقصر. فقال: أكما يقول ذو اليدين، فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم … الحديث.