وكثيرًا ما يقولون: لا يتابع عليه. إشارة إلى إعلاله. قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (١/ ٦): « .... فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته، وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك، قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق منهم في أكثره، فيروي عنهما، أو عن أحدهما العدد من الحديث مما لا يعرفه أحد من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس، والله أعلم». وحديث الباب خير مثال على الإعلال بالتفرد، ولو لم يخالف غيره. قال ابن أبي حاتم كما في علل الحديث (٤٦٧): سألت أبي عن حديث؛ رواه برد بن سنان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي ﷺ أنه كان يصلي، فاستفتحت الباب .... قلت لأبي: ما حال هذا الحديث؟ فقال أبي: لم يرو هذا الحديث أحد عن النبي ﷺ غير برد، وهو حديث منكر، ليس يحتمل الزهري مثل هذا الحديث، وكان برد يرى القدر». فانظر: يا رعاك الله، كيف أعل هذا الحديث أبو حاتم بالتفرد مع أنه لم يخالف. قال الحافظ في الفتح (٦/ ٣٨٢) «استنكره أبو حاتم الرازي والجوزجاني؛ لتفرد برد به … ». وقال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الزهري إلا برد»، إشارة إلى إعلاله بالتفرد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وقد اختلف فيه على برد بن سنان: فقيل: عنه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. رواه بشر بن المفضل، وعبد الوارث، وحماد، وحاتم بن وردان، وعلي بن عاصم، وعبد الأعلى، وثابت بن يزيد، كلهم رووه عن برد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وسبق تخريج هذه الطرق. وقيل: عن برد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. قال الدارقطني في العلل (١٤/ ١٠٨): «وحدث به شيخ كان بمصر، يقال له بكار بن محمد بن شعبة، لا يضبط، عن يزيد بن زريع، عن برد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ووهم فيه على يزيد بن زريع، والمحفوظ عن برد، عن الزهري، وبرد لم يسمع من هشام شيئًا». وأما رواية هشام بن عروة، عن أبيه من غير طريق برد بن سنان: فرواها الدارقطني في السنن (١٨٥٤) من طريق محمد بن حميد: ثنا حَكَّام بن سلم، عن عَنْبَسة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله ﷺ يصلي، فإذا استفتح إنسان الباب فتح له؛ ما كان في قبلته، أو عن يمينه، أو عن يساره، ولا يستدبر القبلة. تفرد بهذا الإسناد محمد بن حميد الرازي، =