للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عن الزهري، والإمام الزهري له أصحاب يجمعون حديثه، ويعتنون به، فلو كان هذا من حديثه لم يتفرد به عنه رجل مثل برد، ويغفل عنه أصحابه المختصون بحديثه.
وحين سئل الجوزجاني من أثبت في الزهري كما في شرح علل الترمذي لابن رجب (٢/ ٦٧٤): «قال: مالك من أثبت الناس فيه … ثم أخذ يرتب أصحاب الزهري من أصحاب الطبقة الأولى، ثم الذين يلونهم حتى ذكر قومًا رووا عن الزهري قليلًا أشياء يقع في قلب المتوسع في حديث الزهري أنها غير محفوظة، منهم برد بن سنان، وروح بن جناح، وغيرهما».
وقد سمعت أحد مشايخنا الأفاضل من علماء مصر ينكر أن يكون التفرد علة، ويرى أن الإعلال في التفرد إنما يكون علة إذا كان معه مخالفة، وأما إذا تفرد الصدوق بلا مخالفة، فليس ذلك علة توجب رد الحديث؛ ويستدل على ذلك بأن الحديث الحسن، هو تفرد الصدوق بالحديث، فلولا أنه قد تفرد لما كان حسنًا، بل يكون صحيحًا لغيره، فالإعلال بالتفرد يوجب إلغاء قسم الحديث الحسن.
والحق أنه ليس كل تفرد يكون علة، وإنما يكون التفرد علة بأحد أمرين:
الأول: أن يتفرد الصدوق بحديث هو أصل وسنة في بابه، لولاه لم يثبت هذا الحكم في شريعة الله، فلا يحتمل تفرده، فالأئمة يهابون أن يثبتوا حكمًا من أحكام الشريعة يتفرد به رجل خفيف الضبط، لا يتابع على هذا الأصل، ولا يشاركه فيه أحد.
قال البرديجي كما في شرح علل الترمذي (٢/ ٦٥٤): «إذا روى الثقة من طريق صحيح عن رجل من أصحاب النبي حديثًا لا يصاب إلا عند الرجل الواحد لم يضره أن لا يرويه غيره إذا كان متن الحديث معروفًا، ولا يكون منكرًا، ولا معلولًا».
فقوله: (إذا كان متن الحديث معروفًا) قيد خرج به ما يتفرد الراوي بأصل لا يعرف إلا عن طريقه، وليس المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة.
الأمر الثاني: أن يكون هناك إمام حافظ مشهور الرواية له أصحاب يعتنون بحديثه، فيتفرد عن هذا الإمام راوٍ ليس هو من أوثق أصحابه، ولا مشهور بالرواية عنه دون أصحابه المختصين به، كأن يتفرد تابعي مثلًا ليس له كبير حديث عن أبي هريرة، فيتفرد عنه دون أصحابه المكثرين عنه، كأبي صالح السمان، والأعرج، وابن المسيب، وأبي سلمة، وابن سيرين وطاوس، وهمام بن منبه، وأضرابهم، فعندما يروي هذا الراوي حديثًا غريبًا عن هذا الإمام وينفرد بشيء لم يروه غيره، ولا يعرفه خواص هذا الإمام وكبار أصحابه، فإن المتقدمين من المحدثين والنقاد منهم يعدون هذا التفرد علة، وخروجًا عما عرف وشهر من حديث الإمام.
وكما لو تفرد بعض الرواة عن الزهري ممن لا يعد من أصحابه المختصين به، فإن ذلك علة؛ إذ لو كان هذا الحديث محفوظًا من حديث الزهري لنقله عنه أصحابه المكثرون عنه، ومن طالع كتب العلل وجد كثيرًا في عباراتهم، لم يرو هذا الحديث عن فلان إلا فلان، يشيرون =

<<  <  ج: ص:  >  >>