أما حمل الوضوء على الغسل فلو صح في الرعاف، فلا يتصور في المذي.
(ث-٥٥٨) وقد روى عبد الرزاق في المصنف، عن معمر، عن الزهري، عن سالم،
عن ابن عمر، قال: إذا رعف الرجل أو ذرعه القيء أو وجد مذيًا فإنه ينصرف، فيتوضأ، ثم يرجع فيبني ما بقي على ما مضى إن لم يتكلم.
[صحيح وسبق تخريجه](١).
وأما الجواب عن الاعتراض برأي المسور بن مخرمة:
فقالوا: إن ابن عمر، وعلي بن أبي طالب ﵃ أفقه من المسور بن مخرمة، وأكثر رواية وملازمة للنبي ﷺ.
• ويرد على هذا:
إن كان الاحتجاج بقول ابن عمر وعلي، لكونه قول صحابي فقط، فالمسور يشاركهم في هذا الفضل، وإن كان الترجيح يرجع لقوة القول من حيث الاستدلال أي: لأمر خارج عن فضل الصحبة، فينظر في أقوى القولين وأقربهما للحق؛ ولم يقدم قول أحد من الأئمة في مسألة خلافية؛ لكون أحدهما أفقه أو أعلم، لأن المفضول قد يصيب، والفاضل قد يخطئ، فإذا نظرنا إلى قول المسور فهو تؤيده السنة المرفوعة كما سبق بيانه، ويترجح بكونه موافقًا للقياس، فكان أولى بالاتباع.
وقد يعكس هذا عند آخرين، فيقولون: ما كان موافقًا للقياس قد يكون قاله برأيه واجتهاده، وأما قول ابن عمر وعلي ﵃ فلما خالفا القياس، فهو قرينة على أنهما أخذاه من الشارع؛ إذ لا مدخل للرأي فيه، والله أعلم.
قال ابن رشد: «واختار مالك رحمه الله تعالى بالبناء على الاتباع للسلف، وإن خالف ذلك القياس والنظر، وهذا على أصله: أن العمل أقوى من القياس؛ لأن العمل المتصل لا يكون أصله إلا عن توقيف، وقال أيضًا: ليس البناء في الرعاف
(١) المصنف (٣٦٠٩)، وسبق تخريجه في موسوعة الطهارة، ط: الثالثة (٢/ ٥٨٥) ح ٤٠٢.