كون الأذان شرع عن مشورة حتى تقرر برؤيا عبد الله بن زيد ﵁ كما في السنن إلا النسائي، أو برأي عمر ﵁ كما في الصحيحين، فكان الأذان بالسنن أشبه، ولو كان واجبًا لابتدأه الرسول ﷺ ولم يأخذه عن منام أحد.
• وتعقب:
بأن النبي ﷺ أمر به بلالًا، وأمر به مالك بن الحويرث، وواظب عليه، ولم يتركه في حضر، ولا سفر، فكان بالواجبات أشبه، والاستشارة لا تعني عدم الوجوب، فقد استشار الرسول ﷺ أبا بكر وعمر وبعض الصحابة في أسرى بدر، فأشاروا بالفدية، وأشار عمر بالسيف، ونزل الوحي مؤيدًا لرأي عمر حتى بكى رسول الله وأبو بكر (١).
وحَكَّمَ الرسولُ ﷺ سعد بن معاذ ﵁ في بني قريظة، فكان حكمه واجبًا.
الدليل الثالث:
ترك الرسول ﷺ الأذان للصلاة الثانية في حال الجمع، ولو كان واجبًا لأداه، كما فعل في الصلاة الأولى.
• وأجيب:
بأن المقصود قد حصل في الصلاة الأولى، والأذان إعلام بحضور الصلاة.
• حجة من قال: الواجب في المصر أذان واحد وما زاد فهو سنة:
الدليل الأول:
هذا القول رأى أن الواجب في الأذان هو إظهار شعار الإسلام، وبيان الفرق بين دار التوحيد، ودار الكفار، وهو المقصود الأهم من الأذان.
(ح-٢٦) لما رواه البخاري من طريق أبي إسحاق، عن حميد،
قال: سمعت أنسًا ﵁، يقول: كان رسول الله ﷺ إِذَا غَزَا قومًا لم يُغِرْ حتى يُصْبِحَ، فإن سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وإن لم يسمع أَذَانًا أَغَارَ بعد ما يصبح …