للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إباحة الساتر (١)، وكلاهما له علاقة بشرط العبادة، فليس كمن صلى وعليه عمامة أو خاتم فيه صورة؛ لأن لبس العمامة والخاتم ليسا شرطًا في الصلاة.

•ويجاب عن ذلك:

لا نسلم أن الله اشترط في ستر العورة إباحة الساتر، فالشرط هو ستر العورة وهذا قد تحقق، والصلاة ليست سببًا في تحريم لبس الثوب الذي فيه صورة، فهو محرم عليه، صلى به، أو لم يُصَلِّ، فالتحريم متوجه للبس، ولا علاقة للصلاة بذلك حتى يكون النهي عائدًا إلى شرط الصلاة، نعم لو توضأ بماء نجس لم يرتفع حدثه، لكون النهي عائدًا إلى شرط العبادة بخلاف ما لو غسل ثوبه النجس بماء مغصوب فإن الثوب يَطْهُر؛ لأن الحكم بنجاسة الثوب لوجود النجاسة، فإذا زالت زال حكمها، وكونه مغصوبًا لا علاقة له بالتطهير، فلا يمكن الحكم بنجاسة الثوب مع زوال النجاسة، نعم يضمن قيمة الماء لصاحبها؛ لإتلافه مال الغير.

وقياسًا على ما لو اجتمع أمران أحدهما يأمره بالصلاة والآخر يأمره بإنقاذ غريق أو حريق، فهو مأمور بالصلاة ومأمور بإنقاذه، ولا يمكن اجتماعهما، فلو مضى في صلاته صحت مع الإثم، فلا يقال: صلاته لا تصح؛ لأنه مأمور بإنقاذ الغريق، فكذلك إذا اجتمع أمر ونهي، وكان النهي غير مختص بالصلاة، فإن ارتكاب النهي لا يؤدي إلى بطلان الصلاة ما لم يختصَّ النهي بالصلاة.

• دليل الحنفية على أن الكراهة تحريمية في غير الصورة المستترة:

الحنفية يشترطون للكراهة التحريمية أن يكون الدليل ظنيًّا والنهي صريحًا، فخرج بذلك الدليل القطعي، فالنهي فيه محرم، وليس مكروهًا كراهة تحريمية.

وخرج منه ما كان مفيدًا للترك بغير أداة من أدوات النهي الصريحة، فالكراهة فيه تنزيهية.


(١) انظر قواعد ابن رجب، القاعدة التاسعة، ت مشهور (١/ ٦٠).
والفرق بينهما: أن الحكم إن علل بارتكاب النهي فإن صلاته لا تصح مطلقًا في الثوب المغصوب حتى لو لم يجد غيره.
وإن علل الحكم بترك المأمور، فإنه إذا لم يجد سترة إلا ثوبًا مغصوبًا صحت صلاته؛ لأنه غير واجد لسترة يؤمر بها، أما من لم يجد إلا ثوب حرير فتصح صلاته بغير خلاف على أصح الطريقين؛ لإباحة لبسه في هذه الحال. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>