للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إحداهما: مأمور به منها: ككونه صلاة، والأخرى منهي عنه منها: ككونه في موضع نهي، أو وقت نهي، أو أرض مغصوبة، أو بحرير، أو ذهب، ونحو ذلك فإنهم يقولون: إن انفكت جهة الأمر عن جهة النهي لم يقْتَضِ النهي الفساد، وإن لم تَنْفَكَّ عنها اقتضاه .... » (١).

يوضح ذلك أكثرَ مسألةُ لبس الخف، فلو مسح خفًّا مغصوبًا صح الوضوء منه، لأن إباحة اللبس ليست شرطًا في صحة الوضوء، ولو مسح الخف رجل قد تلبس بالإحرام مع وجود النعل لم يصح الوضوء؛ لأن النهي متوجه للبس، والأمر الشرعي يوجب غسل الرجل، فلم يمتثل الأمر الشرعي.

ولو كان عنده ثوب نجس، فغسل نجاسته بماء مغصوب حتى زالت النجاسة حكمنا بطهارة الثوب؛ لارتفاع النجاسة، وحرمنا إتلاف الماء المغصوب بالتطهير، فالجهة منفكة.

فالنهي في دلالته على البطلان وعدمه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يعود النهي إلى ذات الشيء، فذلك يوجب فساد المنهي عنه قطعًا، كالنهي عن التطوع وقت طلوع الشمس وغروبها، فالنهي متوجه إلى الصلاة نفسها.

القسم الثاني: أن يعود النهي إلى شرط العبادة، فذلك يوجب فسادها على الصحيح، كما لو ستر عورته بثوب نجس على القول بأن طهارة الثوب شرط في صحة الصلاة، فطهارة السترة مختصة بالصلاة.

القسم الثالث: أن يعود النهي لأمر خارج، فهذا لا يوجب فساد العبادة على الصحيح، كقوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ﴾ [الإسراء: ٧٨] مع تحريم الصورة، فالنهي عن لبس ما فيه صورة على القول بالنهي عنه لم يتعرض فيه للصلاة، فإذا صلى في ثوب فيه صورة فقد أتى بالمطلوب والمكروه جميعًا، فصحت الصلاة، وحرم اللبس.

•دليل من فرق بين أن تكون السترة في الثوب وبين أن تكون السترة في العمامة:

هؤلاء عللوا فساد الصلاة بالثوب الذي فيه صورة إما لارتكاب النهي في شرط العبادة وهو ستر العورة، وإما لترك الإتيان بالشرط المأمور به، وهو اشتراط


(١) أضواء البيان (٢/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>