للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والثياب على نوعين: لباس زينة، ولباس مهنة. قال الله تعالى: ﴿يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦] آدَمَ فمن اللباس ما يلبس لقصد الستر، كثياب المهنة، ومنها ما يلبس للتجمل والتزين وإليه أشارت الآية بلباس الريش.

ومنع الصور المنصوبة على الجدر وفوق الرؤوس أهو لتعظيمها، فلا يدخل فيها الصور على الثوب، أم للتزين والتجمل بها، فيشمل التحريم ثياب الزينة دون ثياب المهنة؟

والأقرب الأول؛ لأن الفرش جزء من الزينة، ولكن الصور التي فيها لا تنطوي على تعظيم، فلما أهينت بوضعها فراشًا ومخدة أبيحت، وإن كانت مفروشة للزينة، ولهذا أبيحت لعب الأطفال من الصور؛ لنفس العلة؛ حيث لا تعظيم في هذه اللعب (١)، فكذلك يقال في الصورة المستعملة في ثياب الزينة، لا تعظيم فيها، لأن الجلوس فيها وعليها والنوم فيها امتهان لها، ويتأكد ذلك بما ورد في حديث الصحيحين من قوله : (إلا رقمًا في ثوب) فهذا استثناء من التحريم، وسوف يأتي تخريجه إن شاء الله تعالى في أدلة القائلين بالجواز، فعليه يكون قول الإمام مالك هو الأقرب حسب الظن، والله أعلم.

واستعمال الثياب ولو على الأرض هو نوع من اللباس، فاللباس أعمُّ من أن يكون خاصًا بما استعمل على البدن.

(ح-٢٢٦٤) فقد روى البخاري ومسلم من طريق مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة،

عن أنس بن مالك ، أن جدته مليكة دعت رسول الله لطعام صنعته له، فأكل منه، ثم قال: قوموا فلأصل لكم. قال أنس: فقمت إلى حصير لنا، قد اسود من طول ما لبس، فنضحته بماء .... الحديث (٢).


(١) انظر بحث إباحة لعب الأطفال وجواز بيعها في كتابي المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (٣/ ٤٦٧).
(٢) صحيح البخاري (٣٨٠)، وصحيح مسلم (٢٦٦ - ٦٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>