للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا ليس محل البحث هنا؛ لأن البحث هو في مستعمل الصورة، وليس في حكم عمل المصوِّر، والاستعمال بابه أوسع.

فالمستعمل للصورة، إن كان يستعملها فيما هو ممتنهن على أرض وبساط يداس ومخدة يتكأ عليها فاستعمالها مباح، وهو مذهب جماهير العلماء بما في ذلك الأئمة الأربعة (١).

ويبقى تحقيق المناط هو في لبس الثوب الذي فيه صورة:

أهو من باب الامتهان كما يراه الإمام مالك فيباح، أم هو من باب التعظيم للصورة فيحرم، أم هو من باب التشبه فيكره؟

فالأصل أن التشبه مكروه عند جمهور العلماء إلا بقرينة، فقد يبلغ التشبه الشرك، وقد ينزل إلى ما هو أخف من الكراهة، كالتعبير بخلاف الأولى، وذلك مثل الصلاة في النعال، وترك تغيير الشيب، ونحو ذلك، والكراهة هو الحكم المتيقن، ولا ينتقل عنه إلا بدليل، وأما حديث: من تشبه بقوم فهو منهم فقد رجح أبو حاتم الرازي ودحيم إرساله، وسبق بحثه (٢).


= صورها، وهو لله تعالى موحد، ولرسوله مصدق. قلت: لا، وإنما قصد به المضاهي لخلق الله تعالى كما وصفه في حديث عائشة بقوله: (الذين يضاهون خلق الله) والمتكلف من ذلك مضاهاة ما صوره ربه في خلقه وأعظم جرمًا من فرعون وآله، قال تعالى: أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر: ٤٦]؛ لأن فرعون كان كفره بقوله: أنا ربكم الأعلى من غير ادعاء منه أنه يخلق، ولا محالة منه أنه ينشيء خلقًا يكون كخلقه ﷿ شبيهًا ونظيرًا والمصور بتصويره ذلك منطو على تمثيله نفسه بخالقه، فلا خلق أعظم كفرًا منه، فهو بذلك أشدهم عذابًا وأعظمهم عقابًا.
فأما من صور صورة غير مضاهاة ما خلق ربه وإن كان يفعله مخطئًا، فغير داخل في معنى من ضاهى ربه بتصويره». والله أعلم.
(١) شرح معاني الآثار (٤/ ٢٨٤، ٢٨٥)، البحر الرائق (٢/ ٢٩)، المدونة (١/ ١٨٢)، التوضيح لخليل (١/ ٢٩٠)، المختصر الفقهي لابن عرفة (٤/ ٦٢)، شرح زروق على الرسالة (٢/ ١٠٥٦)، شرح النووي على صحيح مسلم (١٤/ ٨١)، المهذب للشيرازي (٢/ ٤٧٨)، المجموع (١٦/ ٤٠٠)، تحرير الفتاوى (٢/ ٦٥٤)، مغني المحتاج (٤/ ٤٠٨)، نهاية المحتاج (٦/ ٣٧٦)، الفروع لابن مفلح (٢/ ٧٥).
(٢) انظر: كتابي موسوعة أحكام الطهارة، الطبعة الثالثة (١٠/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>