بأنه لم يرد نهي عن لبس الثوب الذي فيه صورة حيوان في الصلاة حتى يقال: الشيء الواحد لا يرد عليه أمر ونهي في وقت واحد، ولذلك لما كان تحريم قول الزور عامًا للصائم وغيره لم يُبْطِل الصيام حتى على مذهب الحنابلة، وإنما قد يذهب بثواب الصيام، فمن باب أولى ألا تبطل الصلاة بستر العورة بالثوب المحرم. والله أعلم.
لا يمكن القول بأن من يصلي في ثوب فيه صورة مثله مثل من يصلي عاريًا، لا حسًا، ولا شرعًا، أما الحس فظاهر.
وأما الشرع فلأن الرجل لو كان لا يجد ما يستر عورته إلا ثوبًا فيه صورة لوجب عليه أن يستر به عورته عن النظر، ولا يقال له: صل عاريًا؛ لأن وجوده كعدمه، وقد سبق بحث هذه المسألة في المجلد الرابع. وهذا دليل بأنه ليس في حكم من صلى عاريًا، وكيف يقال وجوده كعدمه والعورة قد استترت عن النظر، وهو المطلوب من ستر العورة، وتحريم الصورة على الثوب لم يختص بالصلاة حتى يعود عليها بالفساد، والله أعلم.
الدليل السادس:
(ح-٢٢٦١) روى أحمد من طريق هشام، عن يحيى، عن أبي جعفر، عن عطاء بن يسار،
عن بعض أصحاب النبي ﷺ قال: بينما رجل يصلي، وهو مسبل إزاره، إذ قال له رسول الله ﷺ -: اذهب، فتوضأ. قال: فذهب، فتوضأ، ثم جاء، فقال له رسول الله ﷺ -: اذهب، فتوضأ. قال: فذهب، فتوضأ، ثم جاء، فقال: ما لك يا رسول الله، ما لك أمرته يتوضأ؟ ثم سكت، قال: إنه كان يصلي، وهو مسبل