للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قارنت الفعل كحديث (إذا أبق العبد … ) وحديث: (من أتى عرافًا … ) كان انتفاء القبول يعني انتفاء الثواب، والعمل صحيح لاستيفاء شروطه وأركانه، إلا أن إثم المعصية إذا قورن بأجر العمل كان الإثم أكبر، فكأن الإثم قد أحبط الثواب، وذهب بالأجر.

وإن رتب نفي القبول على وصف يطلب فعله أو تركه، ولم يقارن الفعل معصية، كحديث: (لا تقبل صلاة بغير طهور … )، وحديث (لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار) كان انتفاء القبول يعني انتفاء الصحة، ودل هذا على أن الوصف شرط أو ركن في العمل، ويلزم من عدم الشرط عدم المشروط (١).

فلو صح أثر ابن عمر لم يقْتَضِ البطلان؛ لا في الثوب المحرم لكسبه، ولا في الثوب المحرم لوصفه كالثوب الذي فيه صورة، والثوب المغصوب، وصلاة الرجل في ثوب الحرير؛ لأن هذه الأفعال اقترنت بمعصية، فكان نفي القبول يعني نفي الثواب فقط (٢).

قال الحافظ ابن رجب: «اشتد نكير عبد الرحمن بن مهدي لقول من قال: إن من اشترى ثوبًا بدراهم، فيها شيء حرام، وصلى فيه، أنه يعيد صلاته، وقال: هو قول خبيث، ما سمعت بأخبث منه، نسأل الله السلامة.

ذكره عنه الحافظ أبو نعيم في الحلية بإسناده، وعبد الرحمن بن مهدي من أعيان علماء أهل الحديث وفقهائهم المطَّلَعَين على أقوال السلف، وقد عُدَّ هذا القول من البدع، فدل على أنه لا يعرف بذلك قائل من السلف» (٣).

الدليل الرابع:

أن الله أمر بستر العورة، ونهى عن لبس الثوب المحرم، ومنه الثوب الذي فيه صورة حيوان، والشيء الواحد لا يرد عليه أمر ونهي في وقت واحد، ولأن ما كان لبسه حرامًا فإن التحريم يشمل لبسه داخل الصلاة باعتباره فردًا من أفراد المنهي عنه،


(١) انظر مختصر التحرير للفتوحي (١/ ٤٧٢).
(٢) انظر شرح المشكاة للطيبي (٧/ ٢١١٤)، التيسير بشرح الجامع الصغير (٢/ ٣٩٨)، فيض القدير (١/ ٧٢) و (٦/ ٦٤).
(٣) فتح الباري لابن رجب (٢/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>