وقد أخرج البخاري لمجاهد، عن أبي هريرة حديثًا واحدًا من طريق عمر بن ذر، عنه، عن أبي هريرة (إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع). وأخرج مسلم له حديثًا واحدًا (دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة .... ). فلا يعد مجاهد في الطبقة الأولى من أصحاب أبي هريرة، بخلاف أبي صالح السمان، فإنه من الطبقة الأولى من أصحاب أبي هريرة، وإذا عارض مجاهد أبا صالح السمان في أبي هريرة قدم أبو صالح. والسؤال: ما هو الراجح من حديث أبي إسحاق، ومن حديث ابنه يونس، وهما قد سمعا الحديث معًا من مجاهد بن جبر كما رواه عيسى بن يونس في شرح معاني الآثار (٤/ ٢٨٧)، عن أبيه يونس بن إسحاق، قال: لما قدم مجاهد الكوفة أتيته أنا وأبي، فحدثنا عن أبي هريرة، واقتصر على ذكر تمثال الرجل في البيت، ولم يذكر الستار. فالذي أميل إليه ترجيح رواية إسرائيل، عن أبي إسحاق عند الإمام أحمد بلفظ: أتى جبريل ﵇ النبي ﷺ، فقال: إني جئت البارحة، فلم يمنعني أن أدخل عليك إلا أنه كان في البيت صورة أو كلب. وهذه الرواية موافقة لرواية أبي صالح السمان عن أبي هريرة في صحيح مسلم (٢١١٥)، ولفظها: قال: قال رسول الله ﷺ: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه تماثيل أو تصاوير. وكونه لم يذكر قصة امتناع جبريل فيحمل على أن الراوي اختصر الحديث، وأما رواية معمر: فإما أن نقول: إن أبا إسحاق قد اضطرب في لفظه، أو نرجح رواية التخيير بين القطع والامتهان، وأن الامتهان وحده كاف في الإباحة، وعلى هذا جمهور العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة، والله أعلم. وقد جاءت قصة امتناع دخول جبريل من مسند عائشة ومن مسند ميمونة، إلا أن ظاهر الحديثين أنها وقائع متعددة. فقد روى مسلم (٨١ - ٢١٠٤) من طريق أبي حازم سلمة بن دينار، عن أبي سلمة، عن عائشة أنها قالت: واعد رسول الله ﷺ جبريل في ساعة يأتيه فيها، فجاءت تلك الساعة ولم يأته، وفي يده عصا، فألقاها من يده وقال: ما يخلف الله وعده ولا رسله. ثم التفت فإذا جرو كلب تحت سريره، فقال: يا عائشة، متى دخل هذا الكلب ها هنا؟ فقالت: والله ما دريت. فأمر به فأخرج، فجاء جبريل، فقال رسول الله ﷺ: واعدتني، فجلست لك فلم تأت. فقال: منعني الكلب الذي كان في بيتك، إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة. =