وأحمد بن منصور الرمادي كما في السنن الكبرى للبيهقي (٧/ ٤٤١) كلاهما عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر به، بلفظ: ( … إن في البيت سترًا في الحائط فيه تماثيل، فاقطعوا رؤوسها، واجعلوها بساطاً أو وسائد فأوطئوه، فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل). وهذه اللفظ يدل على أن الامتهان لا يكفي لإباحة البسط والوسائد حتى تقطع الرأس. وهو لفظ مؤثر، فإن عبد الرزاق روى الحديث عن معمر بلفظ، أحدهما هذا، رواه الإمام أحمد، والرمادي، عن عبد الرزاق، عن معمر. والثاني: رواه معمر بالتخيير بين قطع الرأس وبين جعله بساطًا أو وسائد، وهو يدل على أن الامتهان وحده كاف في الإباحة. رواه عبد الرزاق عن معمر، عن أبي إسحاق كما في الجامع لمعمر بن راشد. وتابعه أبو بكر بن عياش، وزيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق، بلفظ التخيير بين قطع الرأس وبين جعله بساطًا ووسائد. ورواه يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد بما يوافق معمرًا من رواية أحمد والرمادي، عن عبد الرزاق عنه. وسيأتي تخريجها إن شاء الله تعالى. وهذا وجه من وجوه الاختلاف في رواية أبي إسحاق، عن مجاهد، عن أبي هريرة. وقد رواه إسرائيل عن أبي إسحاق مخالفًا لرواية معمر، بلفظيه، ومخالفًا لرواية أبي بكر بن عياش، وزيد بن أبي أنيسة، وإسرائيل مقدم على كل من رواه عن جده أبي إسحاق. ومعمر وأبو إسحاق مع أنهما من رواة الشيخين فلم يخرج البخاري ولا مسلم حديثًا واحدًا من رواية معمر عن أبي إسحاق، ولا أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي أخرج له حديثا واحدًا (قتال المسلم كفر، وسبابه فسوق). وفي ترجمة معمر في تهذيب الكمال فات المزي أن يضع علامة النسائي عند ذكر شيخه أبي إسحاق مما يظن القارئ أن أصحاب الكتب الستة كلهم لم يخرج أحد منهم حديثًا من رواية معمر عن أبي إسحاق، بخلاف إسرائيل عن أبي إسحاق فأخرج له البخاري جملة من الأحاديث، وأخرج له مسلم حديثين، والله أعلم. وقد خرج معمر من التبعة في روايتيه: أما رواية التخيير بين القطع والامتهان فتابعه على هذا اللفظ أبو بكر بن عياش، وزيد بن أبي أنيسة. وأما روايته باشتراط القطع والامتهان للإباحة، فهي موافقة لرواية يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد، فهل يكون الحمل على أبي إسحاق في هذا الاختلاف، فإن كان كذلك فإن رواية إسرائيل عن أبي إسحاق مقدمة على غيرها؛ لأن أبا إسحاق قد تغير بآخرة، ويرجح رواية إسرائيل، أنها بنحو رواية سهيل وابن أبي مريم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. =