للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

سعد بن هشام،

عن عائشة، قالت: كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال لي رسول الله : حولي هذا، فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا (١).

فكراهة كسو الحجارة والطين في حديث أبي طحلة متفق مع حديث عائشة من رواية سعد بن هشام، لأن تنميق الطين من التوسع في أمور الدنيا، وهو ما كرهه النبي في الستارة المعلقة.

وقد يقال: لا مانع من اعتبار العلتين في الستارة: تعظيم الصور، وتزيين الطين.

ومن العلماء من أجاز الرقم في الثوب إذا كان مستعملًا، سواء أكان ملبوسًا أم على الأرض، وكره الصورة في الثوب إذا كان معلقًا منصوبًا؛ لأن نصب الصورة علامة على تعظيمها بخلاف الاستعمال في اللبس ونحوه ففيه امتهان للصورة، فلا فرق عنده بين ثوب استعمل باللبس، أو استعمل للافتراش والجلوس عليه، ولأن الثوب الملبوس يجلس عليه، وينام به، وإلى هذا ذهب الإمام مالك ، ولعله أعدل الأقوال.

جاء في المغني لابن قدامة في معرض استدلاله للقول الآخر في المذهب: «يباح إذا كان مفروشًا، أو يتكئ عليه، فكذلك إذا كان ملبوسًا» (٢).

فالكذلكة هنا تعنى أنهما بمعنى واحد في الامتهان.

فالاستدلال على تحريم الثوب الملبوس قياسًا على الستار على الجدار قياس مع الفارق لأنه لا يساويه، ذلك أن كراهة النبي لستر الجدار في الثوب المصور قد جمع علتين مركبتين:

العلة الأولى: تعظيم الصور برفعها، ولذلك اكتفى النبي بنزع الستار، وقال: أخريه عني، وأمر بتنحيته، فهذا دليل على أن المحرم في الستار هو تعظيم الصور برفعها، وليس وجودها المطلق على الستار، وإلا لما اكتفى بنزعه.

العلة الثانية: تزيين الحجارة والطين، والعلتان منتفيتان في الثوب الملبوس،


(١) مسلم (٨٨ - ٢١٠٧).
(٢) المغني لابن قدامة (١/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>