ويقول لها:(حوليه عني)، ثم ترجع عائشة وترفعه مرة أخرى، ليأتي ويهتكه، فالمؤكد أن القصة واحدة، والحديث واحد، ومخرجه واحد، والنبي ﷺ أمر بنزعه، ويلزم منه بقاء الصورة على حالها، وهو ما تفيده رواية مسلم عن عائشة أن النبي ﷺ لم يأمر بقطعه، من رواية سعد بن هشام عنها. وسواء ثبت هذا اللفظ أم لم يثبت فهو مستفاد من رواية النزع؛ فإن الاكتفاء بنزعه من الجدار يلزم منه عدم القطع، وليس في الأحاديث التصريح بأن النبي ﷺ قطعه.
وبهذه الروايات يتأكد أن النهي خاص بالصور المعلقة على الستار، لا على الثوب الملبوس، ولا على الستار الموضوع على الأرض، فالأول لقوله ﷺ:(إلا رقمًا في ثوب)، وسيأتي الاستدلال به، والثاني: للاكتفاء بنزعه، وعدم تغيير الصورة أو الأمر بتغييرها في الحال، وهذا مذهب الإمام مالك ﵀.
الدليل الثاني:
(ح-٢٢٥٣) ما رواه البخاري ومسلم من طريق الليث، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد،
عن أبي طلحة، صاحب رسول الله ﷺ، قال: إن رسول الله ﷺ قال: إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصورة. قال بسر: ثم اشتكى زيد، فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لعبيد الله، ربيب ميمونة زوج النبي ﷺ: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟ فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: إلا رقما في ثوب (١).
وجه الاستدلال:
قوله ﷺ:(إلا رقمًا في ثوب) استثنى الشارع من الصور المحرمة ما كان رقمًا في ثوب، فدل على إباحة استعمال الثياب وإن كان فيها صورة محرمة.
فإن قيل: إن الأثر فيه: (فإذا على بابه -يعني باب زيد- ستر فيه صورة)، وقد نزع النبي ﷺ الستر الذي فيه صورة، كما في حديث عائشة.
فالجواب: أن الاستدلال ليس في فعل زيد ﵁، بل في قول النبي ﷺ:(إلا رقمًا في ثوب)، فإن كان تعليق الستر على باب زيد معارضًا لحديث عائشة المرفوع