للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

غيرهم للضرورة» (١).

وقال المالكية: «إن صلى إلى سترة كره للطائف المرور بين يديه، وحرم على غيره إلا أن يكون المار لا مندوحة له، فيجوز له المرور» (٢).

ولا يقصد المالكية بقولهم: لا مندوحة له: أي في حال الضرورة، فإنه لا محرم مع الضرورة، وإنما يقصدون أنه لا سبيل آخر يمكن له أن يسلكه، فجعلوا الحاجة إلى المرور في حكم الضرورة في إباحة المرور.

إذا وقفت على الأقوال، ننتقل بعد ذلك إلى ذكر الأدلة.

• دليل من قال: يحرم المرور إذا صلى إلى سترة، ويجوز إذا صلى بدونها:

الدليل الأول:

(ح-٢١٨٦) ما رواه الشيخان من طريق سليمان بن المغيرة، قال: حدثنا حميد ابن هلال، قال: حدثنا أبو صالح السمان،

عن أبي سعيد الخدري ، قال: سمعت رسول الله يقول: إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه [ولمسلم: فليدفع في نحره] فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (٣).

وجه الاستدلال:

قوله: (إذا صلى إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز)، دل مفهوم المخالفة: أن من صلى إلى غير سترة فليس مأمورًا بدفع من يمر بين يديه.

ومفهوم الشرط من أقوى دلالات المفهوم، فهو أقوى من مفهوم الصفة والعدد والاستثناء، والظرف، وغيرها (٤).


(١) فتح الباري لابن حجر (١/ ٥٧٦).
(٢) حاشية الدسوقي (١/ ٢٤٦)، البيان والتحصيل (٣/ ٤٧٢)، مواهب الجليل (١/ ٥٣٥)، شرح الخرشي (١/ ٢٨٠)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (١/ ٣٦٩)، أسهل المدارك (١/ ٢٢٧).
(٣) صحيح البخاري (٥٠٩)، وصحيح مسلم (٢٥٩ - ٥٠٥).
(٤) الجمهور على أن مفهوم المخالفة حجة خلافًا للحنفية، ويستدل الجمهور بأدلة منها، ما رواه البخاري (٢٨٢) ومسلم (٣٢ - ٣١٣) من حديث أم سلمة ، قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله ، فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله : نعم إذا رأت الماء.
فقوله: (إذا رأت الماء) مفهومه: أنها إذا احتلمت، ولم تر ماء فليس عليها غسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>