للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المرفوع، لكنها تطبيق عملي على صحة الاستدلال بالعام على جميع أفراده.

قوله: (فليقاتله): يفيد التحريم؛ لأن المقاتلة مفاعلة، فهي تأتي في كل فعل مشترك بين اثنين أو طائفتين كالمضاربة، فلما أمر المصلي بدفع المار، فإن أبى فمقاتلته: كان ذلك دليلًا على تحريم المرور؛ وقد اغتفر ذلك بالرغم من قول النبي : إن في الصلاة لشغلًا وهذا دليل على أن المرور منكر، فلولا أن الدفع لمنع محرم لما أذن في فعله داخل الصلاة.

وقوله: (فإنما هو شيطان) فيه دلالة على تحريم المرور؛ لأنه جعله من عمل الشيطان، وأمر بالعقوبة عليه، وذلك لا يكون إلا فيما هو محرم.

الدليل الثاني:

(ح-٢١٦١) ما رواه الشيخان من طريق مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن بسر بن سعيد، أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم يسأله ما ذا سمع من رسول الله في المار بين يدي المصلي؟

فقال أبو جهيم: قال رسول الله : لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه. قال أبو النضر: لا أدري، أقال أربعين يومًا، أو شهرًا، أو سنة (١).

ف (أل) في (المار) يفيد العموم، فيشمل المحتاج إلى المرور وغيره، ومن أخرج المحتاج للمرور من العموم فقد خص النص بلا مخصص.

وفي الحديث دلالة على تحريم المرور بين يدي المصلي: فإن المعنى أَنَّ المارَّ لو علم مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلي لاختار وقوفه هذه المدة المذكورة على أن يلحقه ذلك الإثم، أو لكان وقوفه هذه المدة خيرًا له من أن يمر بين يديه، وظاهر الحديث يدل على أن المرور بين يدي المصلي من الكبائر.

الدليل الثالث:

حكى بعض أهل العلم الإجماع على تحريم المرور بين يدي المصلي،

قال ابن حزم: «واتفقوا على كراهية المرور بين المصلي وسترته، وأن


(١) صحيح البخاري (٥١٠)، وصحيح مسلم (٢٦١ - ٥٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>