للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الثاني: قصر البصر إلى حدود موضع السترة فلا يتجاوزه؛ لأن البصر إذا انتشر شغل ذلك المصلي عن التدبر والخشوع مما يؤدي إلى نقص الثواب، وهذا هو المعنى الذي أضافه الحديث إلى فعل الشيطان، وأطلق عليه القطع، والمقصود: إنقاص الثواب؛ لأن وسوسة الشيطان والتي جاءت بسبب انتشار البصر لا تفسد الصلاة، حتى ولو غلبت على المصلي فلم يدر كم صلى.

• ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

إن حملنا: (الشيطان) بأنه من شياطين الجن، كان الأمر بالدنو منها تعبديًا، وكان تفسيركم متجهًا بأن السترة مشروعة مع أمن المرور، ولكن هذا التفسير غير مسلم للأمور التالية:

الأمر الأول: أن الشيطان علة في قطع الكلب الأسود للصلاة، كما في حديث أبي ذر في مسلم، وإذا كان الكلب معللًا بالشيطنة فالظاهر أن المرأة والحمار كذلك؛ لأن تساويهما في الحكم يعني تساويهما في العلة.

كما وصف الرجل الذي يمنع من المرور ويأبى في حديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين، قال: سمعت النبي يقول: إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (١).

فأطلق الحديث على الرجل الذي يأبى الامتناع إذا منع بأنه شيطان.

وليس المراد بأن الشيطان يتمثل بالكلب، وإن قال به ابن هبيرة في الإفصاح (٢)، وإنما المقصود بالشيطان: ما جاء في تعريفه في الصحاح: كل عاتٍ من الإنس والجن والدواب فهو شيطان (٣).

فالشيطنة في الكلب وصف متعد إلى المصلي بالأذية.

فإطلاق الشيطان أيراد به العموم، أم أنه من العام الذي يراد به الخصوص، فيحمل


(١) رواه البخاري (٥٠٩)، ومسلم (٢٥٩ - ٥٠٥).
(٢) الإفصاح (٢/ ١٩٠).
(٣) الصحاح (٥/ ٢١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>