قال ابن مفلح في المبدع:«والماشي كالراكب، وظاهره الكراهة»(١).
• وجه قول من قال بالكراهة:
أن الأذان عبادة، والأذان ماشيًا منافٍ لآداب العبادة.
ولأن المشي صفة في العبادة لم ترد، فأقل أحواله أن يكون مكروهًا.
• ويناقش:
أما كونه منافيًا لآداب العبادة، فغير مُسَلَّم، ذلك أن الأذان من الأذكار، والذكر لا يكره على أي حال، قائمًا وقاعدًا، وماشيًا ومضطجعًا.
قالت عائشة: كان النبي ﷺ يذكر الله على كل أحيانه.
وأما القول بأن المشي صفة في العبادة لم ترد، فنحن لا نستحب الأذان ماشيًا حتى يقال: ما الدليل على ذلك، فالشارع أمرنا بالأذان، والأمر مطلق، فعلى أي حال أذن المؤذن وكان يُسْمِعُ بأذانه فقد حصل الإعلام والامتثال، فمن منع فعليه الدليل، ونفي صفة المشي عن العبادة غير مسلم، فالمشي في العبادة منه ما هو صفة فيها، كالطواف والسعي، ومنه ما هو وسيلة إليها كالمشي إلى المسجد، ومنه ما هو مباح كالأذان ماشيًا.
• وجه القول بعدم الاعتداد به:
لعلهم يرون أن الأذان فيه شبه بالصلاة من استقبال القبلة، ومشروعية الطهارة فيه، والمشي ينافي الصلاة، فكذلك الأذان.
ولا وجه للقول بذلك؛ فإن الفروق بين الأذان والصلاة كثيرة، منها صحة الأذان من المحدث بخلاف الصلاة.
• وجه جوازه للمسافر والمعذور وكراهته لغيرهما:
أن السفر مظنة التخفيف، ولأن النافلة في السفر تصح من الماشي، والصلاة غاية مقصودة، فيصح الأذان من المسافر، وهو من توابع الصلاة.