للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يتحقق من موضع القبلة.

وأما قبلة الاجتهاد، كالغائب عن مكة والمدينة، فالانحراف اليسير مغتفر؛ لتعذر إصابة العين.

وأما الانحراف الكثير فإنه مبطل مطلقًا؛ قال القرافي في الذخيرة: لأن التوجه إلى القبلة متفق على شرطيته (١).

وعلل بعض المالكية: لأن ظهور الخطأ في أثناء الصلاة كظهوره في الدليل قبل بت الحكم، وظهور الخطأ بعد الفراغ منها، كظهوره فيه بعد بت الحكم، ومعلوم أن القاضي إذا ظهر له الخطأ في الدليل قبل بت الحكم لا يسوغ له الحكم، وإذا حكم كان حكمه باطلًا، وإذا ظهر له الخطأ في الدليل بعد بت الحكم فقد نفذ الحكم ولا ينقض (٢).

• ويناقش:

قياسه على اجتهاد القاضي قياس بعيد، ذلك أن القاضي فرضه الإصابة؛ لرد المظالم، وإعطاء الحقوق لأصحابها قدر استطاعته، وفرض المجتهد في القبلة الاجتهاد، فإذا اجتهد، ولم يقصر، وأفرغ وسعه في التعرف على القبلة، فقد قام بما عليه، وكانت هذه قبلته المأمور بالتوجه إليها، فكل جهة انتصبت قبلة للمصلي في حق العمل أجزأته، وإن لم تكن قبلة في حق العلم، فإذا ظهر أنه أخطأ انحرف وبنى؛ ولم تبطل صلاته، وكل مكلف فعل ما أمر به شرعًا، فلا بطلان لسعيه أصاب، أو أخطأ، والله أعلم.

• دليل من قال: إن تيقن الخطأ أعاد، وإن ظنه انحرف، وبنى على صلاته:

شروط الصلاة مأمورات ومنهيات، والتوجه إلى القبلة من جملة المأمورات.

وإذا تيقن الخطأ في القبلة فهو لم يَأْتِ بالمأمور به، والخطأ في ترك المأمور لا يسقطه، فيكون مطالبًا بفعله، كما لو صلى ناسيًا حدثه، فإنه يعيد الصلاة؛ لأن الوضوء من جملة المأمورات، بخلاف المحظور، فإنَّ تركَهُ نِسيانًا يسقطه، كما لو صلى، وعلى نعليه نجاسة، فإذا علم بها في صلاته فإنه يطرحها، ويبني على صلاته.


(١) الذخيرة (١/ ١٣٢).
(٢) حاشية الدسوقي (١/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>