للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

البيت، ولم يُصَلِّ، وسبق ذكر حديث أسامة في أدلة القول السابق.

ولا يقبل القول بأن المثبت مقدم على النافي، ذلك أن كلَّا من الأثرين فيه إثبات أيضًا، فأثر أسامة والفضل تضمنا إثباتًا ونفيًا: فأثبتا أن النبي -كبر في نواحي البيت، ودعا واستغفر، وتضمنا نفيًا بأنه لم يُصَلِّ.

بينما أثر بلال تضمن إثبات الصلاة، ولم يتعرض لذكر الدعاء والاستغفار والتكبير في نواحي البيت، وما تضمن نفيًا وإثباتًا مقدم على ما تضمن إثباتًا فقط (١).

وقد علم ابن عباس بخبر بلال، ولم يعتمده، وابن عباس من أفقه الصحابة ، وهو يعلم أكثر من غيره أن المثبت مقدم على النافي، ولم يستعمله كأداة للترجيح. وإن كان الترجيح للعدد فخبر أسامة والفضل مقدم على خبر بلال، ولو كان النبي -قد صلى داخل البيت، فلماذا تحرى الصلاة مباشرة بعد خروجه منه، وعلى أقل الأحوال أن يكون الخبران متعارضين فيتساقطا، وإذا تعارض أثر بلال مع أثر أسامة والفضل بن عباس، فالأصل في العبادات المنع حتى تثبت المشروعية بدليلٍ سالمٍ من المعارضة، والله أعلم.

(ح-٨٨٦) وقد روى أحمد من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن عطاء بن أبي رباح، وعن مجاهد بن جبر،

عن عبد الله بن عباس، حدثني أخي الفضل بن عباس وكان معه حين دخلها: أن رسول الله ، لم يُصَلِّ في الكعبة، ولكنه لما دخلها وقع ساجدًا بين العمودين، ثم جلس يدعو (٢).

[رجاله ثقات إلا ابن إسحاق، فإنه صدوق، وإبراهيم بن سعد من أثبت أصحاب ابن إسحاق وله عناية خاصة بتتبع صيغ ابن إسحاق، إلا أني أخشى من تفرد ابن إسحاق بمثل هذا] (٣).


(١) أما حديث أسامة فقد أخرجه مسلم (٣٩٥ - ١٣٣٠)، وسبق أن نقلت لفظه.
وأما حديث الفضل بن عباس فسيأتي تخريجه بعد قليل إن شاء الله تعالى.
(٢) المسند (١/ ٢١١).
(٣) وأخرجه الطبراني في الكبير (١٨/ ٢٧٠) ح ٦٧٩، وابن خزيمة في الصحيح (٣٠٠٧) =

<<  <  ج: ص:  >  >>