للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الصلاة لم يكن ستر ذلك واجبًا على المجتمع، ومن المتيقن أنه إذا شاهد مثل هذا من يقف في صف النساء مع تأخره، فمن باب أولى أن يشاهد مثل ذلك من يقف في الصف الأقرب من الرجال، ولو كان واجبًا للصلاة لم ينتظر الرجال في ستر عورة إمامهم إلى أن تدعوهم إحدى النساء، وتحضهم على ستر عورته، وعلى التنزل بأن هذا العجز يسقط ستر العورة عن الصبي، فإن في الناس من يكون قادرًا على القيام بهذا لو كان شرطًا، فيكون أحق منه بالإمامة؛ لأن تقديم أكثرهم قرآنًا إنما هو على سبيل الاستحباب، بخلاف ستر العورة على القول بأنه شرط أو واجب، فلما قدم هذا الصبي مع عجزه عن ستر عورته دل على أن انكشاف العورة في الصلاة لا يبطلها، وإذا لم يبطل الصلاة لم يكن شرطًا ولا واجبًا فيها، والله أعلم.

فإن قيل: هذا صبي لم يلتزم ستر العورة.

قيل: لا فرق بين الصبي والكبير في مفسدات الصلاة وواجباتها، فكما تبطل الطهارة من الصبي بالبول والريح، وتفسد الصلاة منه بالكلام، فكذلك تفسد الصلاة منه بكشف العورة لو كان كشْفُها مفسدًا.

• وأجيب:

بأن هذه واقعة حال، فيحتمل أن يكون ذلك قبل علمهم بالحكم (١).

قال ابن الجوزي في التحقيق: «لا حجة في هذا؛ لأنه كان في أول إسلام القوم، ولم يعلموا بجميع الواجبات، وليس فيه أن رسول الله أقر ذلك» (٢).

• ورد هذا:

بأن ما وقع في حديث عمرو بن سلمة موافق لما وقع للصحابة من حديث سهل بن سعد في صلاتهم خلف النبي ، فلا يصح القول بأنهم لم يعلموا بجميع الواجبات، ولئن كان لم يُعْلَم إقرار رسول الله فإن الله قد علمه وأقره، وما أقره الله فهو في حكم ما أقره رسوله ؛ لأن الوحي كان ينزل.

(ح-٧٢٨) وقد روى البخاري من طريق سفيان، عن عبد الله بن دينار،


(١) إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري للقسطلاني (١/ ٣٩٨).
(٢) التحقيق في مسائل الخلاف (١/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>