للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على أن الستر ليس شرطًا في الصلاة، كما أن هذا الانكشاف ليس عارضًا بسبب ريح ونحوه، بل كان متوقعًا، ولو لم يكن كذلك لما أمر النساء بتأخير المتابعة من أجل مفسدة محتملة (١).

الدليل الثاني:

(ح-٧٢٧) ما رواه البخاري من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن عمرو بن سلمة، قال: قال لي أبو قلابة: ألا تلقاه فتسأله؟ قال: فلقيته، فسألته (٢)، فقال:

كنا بماء ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم: ما للناس، ما للناس؟ ما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله، أوحى إليه، أو: أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام، وكأنما يقر في صدري … وفيه: فلما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي حَقًّا، فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنًا. فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تُغَطُّوا عنا است قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص (٣).

وجه الاستدلال:

أن عمرو بن سلمة كان يصلي بقومه، وكانت تنكشف عورته، ولم تبطل صلاته. ولا يصح أن يدفع هذا بأنه عاجز عن ستر العورة لفقره؛ لأن كسوة العاري كإطعام الجائع هو فرض كفائي على المجتمع، لكن لما كان انكشاف العورة ليس بسبب عجزه عن الستر المطلق، وإنما كان بسبب تقلص البردة عنه إذا سجد في


(١) شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٢٤).
(٢) يشير الحديث إلى أن أبا قلابة لما حدث أيوب، عن عمرو بن سلمة، قال لأيوب: ألا تلقى عمرو بن سلمة فتسأله؟ يريد أن يطلب علو الإسناد، فكان هذا الحديث قد سمعه أيوب من أبي قلابة، عن عمرو، ثم سمعه أيوب من عمرو أيضًا، والله أعلم.
(٣) صحيح البخاري (٤٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>