بل كان الأولى قياس ستر العورة على القول بأنها شرط من شروط الصلاة على فروض الصلاة، فإذا كانت أركان الصلاة تسقط بالعجز، ويصلي على حسب الاستطاعة فكذلك ستر العورة يسقط بالعجز.
وقد يقال: إن الحديث لا يدل على عدم سقوط الكفارة بالعجز، ولذلك قال: النبي ﷺ: أطعمه أهلك، ولم يقل له: إذا قدرت فكفر، ولا يمكن أن يكون إطعامه أهله مصرفًا لكفارته؛ لأن أهله ليسوا ستين مسكينًا، وإنما في الحديث دليل على عدم سقوطها بالعجز إما مطلقًا وهو اختيار ابن حزم، أو بشرط أن يعطيه الإمام بالحال ما يُكَفَّرُ به، وهناك فرق بين الإمام وغيره من الناس، فالإمام يدفع له كفارته من بيت المال، وبيت المال له حق مشاع فيه بخلاف غيره، فإن لم يُعْطِهِ في الحال فإنها تسقط كغيرها من الواجبات.
قال ابن حزم:«من كان عاجزًا عن ذلك كله ففرضه الإطعام، وهو بَاقٍ عليه، فإن وجد طعامًا، وهو إليه محتاج أكله هو وأهله، وبقي الإطعام دينًا عليه؛ لأن رسول الله ﷺ أمره بالإطعام، فأخبره أنه لا يقدر عليه، فأتاه بالتمر فأعطاه إياه، وأمره بأن يطعمه عن كفارته، فصح أن الإطعام بَاقٍ عليه، وإن كان لا يقدر عليه، وأمره ﵇ بأكله إذ أخبره أنه محتاج إلى أكله، ولم يسقط عنه ما قد ألزمه إياه من الإطعام، ولا يجوز سقوط ما افترضه ﵇ إلا بإخبار منه ﵇ بأنه قد أسقطه»(١).
• دليل من قال: السترة شرط يسقط بالعجز:
أما الأدلة على كون السترة شرطًا فسبق ذكرها.
وأما أدلتهم على سقوط الشرط بالعجز، فمنهما:
الدليل الأول:
من الكتاب قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨].
فلو أَنَّا كُلِّفْنَا بما نعجز عنه من الشروط والواجبات والأركان لكان في ذلك