للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أن يروى ذلك عنه خوفًا من أن يتمسك هؤلاء بظاهر هذا الحديث (١). وهو يدل على أنه يراه في الكفر الأصغر.

وفسر القاضي عياض معنى (فقد كفر): أي كفر بسيده، وليس بالله، بأن جحد حق سيده وغطَّاه، وهذا أصل معنى الكفر في اللغة، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ [البقرة: ٨٩]، ولهذا أطلق على الزُّرَّاعِ لفظ الكُفَّار؛ لأنهم يغطون البذر بالأرض، وسمي البستان: بالكَفْرِ.

وقال الرسول عن النساء: يكفرن العشير (٢).

وبعضهم حمل كفر الآبق على الكفر الأكبر:

إما مقيدًا بأن يفعل ذلك مستحلًّا لفعله (٣)، وهذا يعني أنه لا يكفر بمجرد الإباق حتى يستحل ذلك.

وإما مطلقًا مستدلين بالألفاظ الأخرى للحديث، فقد ورد في عقوبته: فقد برئت منه الذمة: بمعنى فلا عهد له، وهذا خلاف اللفظ الأول: لم تقبل له صلاة.

وتارة يروي (فقد حل دمه). وهذا يعني أنه فارق دينه.

قال الجصاص عن قوله: (فقد حل دمه)، قال: «هذا محمول عندنا على أنه قد لحق بهم مرتدًّا عن الإسلام؛ لأن إباق العبد لا يبيح دمه، واللحاق بدار الحرب كدخول التاجر إليها بأمان، فلا يبيح دمه» (٤).

وأورده أبو داود تحت عنوان: باب الحكم فيمن ارتد.

وترجم له النسائي في السنن: باب العبد يأبق إلى أرض الشرك ....

وترجم له البيهقي في السنن الكبرى: باب العبد يرتد.

وهذا الاختلاف في لفظ الحديث، وفي عقوبة الإباق، يدل على اضطراب في لفظ الحديث، والله أعلم.


(١) إكمال المعلم (١/ ٣٢٨).
(٢) صحيح البخاري (٢٩)، وصحيح مسلم (٥١٩٧)، من طريق مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس.
(٣) المرجع السابق (١/ ٣٢٧).
(٤) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>