للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال بعض المفسرين: إنما يتقبل الله من المتقين أي ممن اتقى الله في فعله الخاص، وذلك أن أحد الأخوين قَرَّبَ طيبًا، والآخر رديئًا، فقبل الله الطيب؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، ولم يقبل من الآخر، فحسده، فهدده بالقتل، فقال: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ إشارة إلى أن سوء الفعل بتقديم الرديء حرمه من القبول.

وأما الجواب عن حديث: (إذا أبق العبد … ) فأرى أن الحديث فيه اضطراب، فتارة يروى بلفظ: إذا أبق العبد … وهو مطلق.

وتارة يروى مقيدًا ب (إذا أبق العبد إلى العدو) وفي بعضها (إلى أرض الشرك)، فإن حمل المطلق على المقيد كما يقتضيه قواعد أصول الفقه كان الشأن أعظم من كون الفعل مجرد معصية تتعلق بحق السيد.

كما أن العقوبة تارة تكون بنفي القبول عن الصلاة، ويفهم من تخصيص الصلاة بأن غيرها من الأعمال لا يُنْفَى عنه القبول.

وتارة باستحلال دمه، وبراءة الذمة منه، ولو حمل نفي القبول عن الصلاة على هذه الألفاظ لكان دليلًا على نفي الصحة عن الصلاة وعن سائر أعماله، فإن استحلال الدم وبطلان العهد لا يرتب على مجرد معصية الإباق.

وفي بعض الروايات جاء فيها: (وإن مات مات كافرًا)، ولو صحت هذه الزيادة لم يكن هناك فائدة من تخصيص الصلاة بنفي القبول إلا أن يُؤَوَّلَ الكفر بأنه كفر دون كفر.

وقد اختلف العلماء في تفسير الكفر في الحديث:

فبعضهم حمله على الكفر الأصغر:

فقد أورده ابن بطة ضمن أحاديث تحت عنوان: باب ذكر الذنوب التي تصير بصاحبها إلى كفر غير خارج عن الملة.

وقال منصور راوي الحديث عن الشعبي: أكره أن يروى عنى هذا بالبصرة، رواه مسلم.

وذلك أنه لما كان قد فشا فيها الاعتزال، والقول بإنفاذ الوعيد، والمنزلة بين المنزلتين وسلب اسم الإيمان عن المذنبين والقول بتخليدهم في النار كره الراوي

<<  <  ج: ص:  >  >>