للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل الخامس:

من الإجماع، قال ابن عبد البر في التمهيد: «استدل من جعل ستر العورة من فرائض الصلاة بالإجماع على إفساد من ترك ثوبه، وهو قادر على الاستتار به، وصلى عريانًا» (١).

وقال في الاستذكار: «أجمع العلماء على أن ستر العورة فرض واجب بالجملة على الآدميين، وأنه لا يجوز لأحد أن يصلي عريانًا، وهو قادر على ما يستر به عورته من الثياب، وإن لم يستر عورته وكان قادرًا على سترها لم تجزه صلاته» (٢).

• ونوقش هذا:

بأن الإجماع لا يكون حجة بمجرد حكايته، بل لا بد من سلامته من الخرق، والخلاف في المذهب المالكي في صحة صلاة من ترك ستر عورته عامدًا محفوظ، وللمالكية ثلاثة أقوال في حكم ستر العورة: شرط، وواجب ليس بشرط، وسنة، وعلى القولين الأخيرين فإن تركه عمدًا لا يوجب البطلان عندهم.

قال الدسوقي في حاشيته: «ترك الواجب الذي ليس بشرط لا يوجب البطلان» (٣).

ومن باب أولى لا يوجب البطلان إذا كان الستر سنة من سنن الصلاة.

قال خليل في التوضيح: «ذكر عبد الوهاب أن أبا إسحاق، وابن بكير، والشيخ أبا بكر الأبهري ذهبوا إلى أن السترة من سنن الصلاة، وهذا يعضد ما حكاه اللخمي ويحققه … وقال صاحب القبس: المشهور أنه ليس من شروط الصلاة» (٤).

وقال القاضي عبد الوهاب البغدادي في الإشراف: «اختلف أصحابنا في ستر العورة في الصلاة، فمنهم من يقول: إنها من شرط صحتها مع الذكر والقدرة .... فإن صلى مكشوف العورة عالمًا بأن له ما يسترها، قادرًا على ذلك، فإن صلاته باطلة.

ومنهم من يقول: إنها واجبة مفترضة، وليست من شرط الصحة، فإن صلى


(١) التمهيد (٦/ ٣٧٩).
(٢) الاستذكار (٢/ ١٩٦)، وانظر: المقدمات الممهدات (١/ ١٦٢).
(٣) حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير (١/ ٣١٠).
(٤) التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>