للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• ويناقش:

بأن الحديث تطبيق عملي للآية الكريمة، فكما أمر الله المشركين باتخاذ الزينة عند المسجد الحرام، نهاهم عن التعري للطواف.

(ث-١٨٥) فقد روى مسلم من طريق هشام،

عن أبيه، قال: كانت العرب تطوف بالبيت عراة، إلا الحمس، والحمس قريش وما ولدت، كانوا يطوفون عراة، إلا أن تعطيهم الحمس ثيابًا، فيعطي الرجالُ الرجالَ، والنساءُ النساءَ (١).

فكان يقف العربي في باب المسجد، فيقول للحمس: من يعير معوزًا؟ فإن أعاره أحمسي ثوبه طاف به، وإلا ألقى ثيابه بباب المسجد، ثم طاف عريانًا، وكانوا يقولون: لا نطوف في الثياب التي قارفنا فيها الذنوب (٢).

ولهذا جمع الحديث بين نهي المشركين عن الحج بعد عامهم هذا بالنهي عن التعري للطواف؛ لأنهم هم المقصودون بالخطاب في الجملتين، وليس عموم المسلمين، وإذا كان الحال كذلك كان الجواب عن الحديث كالجواب عن الآية القرآنية الكريمة: ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]، وسبق مناقشة الاستدلال بها، فالآية والحديث في عورة النظر، وليسا في بيان عورة العبادة، ولكن لما كان تعري المشركين من أجل الطواف ذكر الطواف في الحديث عرضًا، فهو في الحديث مفهوم لقب لا دلالة له، والله أعلم.

الدليل الثالث:

(ح-٧١٥) ما رواه البخاري من طريق فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، قال:

سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد، فقال: خرجت مع النبي في بعض أسفاره، فجئت ليلة لبعض أمري، فوجدته يصلي، وعَلَيَّ ثوب واحد، فاشتملت به وصليت إلى جانبه، فلما انصرف قال: ما السرى يا جابر؟


(١) صحيح مسلم (١٢١٩).
(٢) انظر: عمدة القارئ شرح صحيح البخاري (٩/ ٢٦٥)، أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>