للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فيه نص خاص على تأخيره، فإن الخاص مقدم على العام، سواء أتقدم الخاص أم تأخر، فالحكم للخاص، وقد وردت نصوص خاصة في استحباب تأخير العشاء، وكما استحب المالكية والشافعية الإبراد بالظهر في شدة الحر، عملًا بالدليل الخاص، فكذلك هنا، والله أعلم.

الدليل الثالث:

(ح-٥٥٥) ما رواه البخاري ومسلم من طريق مالك، عن سُمَيٍّ مولى أبي بكر، عن أبي صالح،

عن أبي هريرة: أن رسول الله قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه … الحديث (١).

وجه الاستدلال:

قوله: (ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه) فالتهجير: هو البدار إلى الصلاة في أول وقتها، وقيل: لا يكون ذلك إلا في صلاة الظهر، لأنه من السير في الهاجرة، وقد أطلقت الهجير على صلاة الظهر، كما جاء في الحديث: (كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى)، قال ابن بطال: «التهجير: السير في الهاجرة: وهي شدة الحر، ويدخل في معنى التهجير: المسارعة إلى الصلوات كلها قبل دخول أوقاتها؛ ليحصل له فضل الانتظار قبل الصلاة» (٢).

• ويجاب:

بأن هذا دليل على أن الأصل في الصلاة المبادرة إلا ما استثني من الإبراد بالظهر في شدة الحر، والعشاء إذا لم يشق على الناس.

الدليل الرابع:

تأخر رسول الله عن الصلاة في أصحابه لشغل عرض له مرتين في حياته، فقدَّم الصحابة في إحداهما عبد الرحمن بن عوف (٣)،


(١) صحيح البخاري (٦١٥)، صحيح مسلم (٤٣٧).
(٢) شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٢٨٠).
(٣) رواه مسلم (٨١ - ٢٧٤)، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع، عن يزيد بن زريع، عن حميد
بكر بن عبد الله المزني، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، قال: تخلف رسول الله ، وتخلفت معه، فلما قضى حاجته، قال: أمعك ماء؟ فأتيته بمطهرة، فغسل كفيه، ووجهه، ثم ذهب يحسر عن ذراعيه، فضاق كم الجبة، فأخرج يده من تحت الجبة، وألقى الجبة على منكبيه، وغسل ذراعيه، ومسح بناصيته، وعلى العمامة، وعلى خفيه، ثم ركب وركبت، فانتهينا إلى القوم، وقد قاموا في الصلاة، يصلي بهم عبد الرحمن بن عوف، وقد ركع بهم ركعة، فلما أحس بالنبي ذهب يتأخر، فأومأ إليه، فصلى بهم، فلما سلم، قام النبي ، وقمت، فركعنا الركعة التي سبقتنا.
ورواه مسلم (١٠٥ - ٢٧٤) من طريق ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عباد بن زياد، أن عروة ابن المغيرة به بنحوه، وقال لهم: أحسنتم، أو قال: قد أصبتم يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها.
ورواه مسلم (٢٧٤) من طريق ابن جريج، حدثني ابن شهاب، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن حمزة بن المغيرة، نحو حديث عباد، قال المغيرة: فأردت تأخير عبد الرحمن بن عوف، فقال النبي : دعه.
فصار للزهري فيه طريقان: أحدهما: عن عباد بن زياد، عن عروة، وعن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن حمزة. وقد خرجت هذا الحديث في كتابي موسوعة الطهارة، انظر: حديث (٦٤٣) من الطبعة الثالثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>