للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل الخامس:

أن الله وضع لنا علامات، ونصب لنا أدلة محسوسة نعرف بها دخول الوقت، فطلوع الصبح، وغياب الشمس، والشفق، وزوال الشمس، وبلوغ الظل مثله أو مثليه كلها تدرك بالحس، فلا يذهب إلى التحري المعرض للخطأ والصواب، مع إمكان اليقين، ولو بتقليد ثقةٍ عالمٍ بالوقت.

• ويناقش:

بأن هذه العلامات كلها يمكن معرفتها مع الصحو، ولكن لو كان الرجل بالصحراء، وكان هناك غيم، ولم يكن هناك ساعة، لم يكن بمقدوره إلا الاجتهاد والتحري.

ثم القول بأنه لا يذهب إلى الظن مع إمكان اليقين غير مُسَلَّمٍ، فقد تقدم أن الصحابة يجتهدون في عصر الوحي، ويستفتي بعضهم بعضًا، مع إمكان الرجوع إلى الرسول ، وهو من العمل بالظن مع القدرة على اليقين

وقد قال ابن عمر: كنا نبيع الإبل بالدراهم، فنأخذ الدنانير، والعكس، فسألت رسول الله ، فقد سبق العمل بالاجتهاد على سؤال رسول الله عن حكم الفعل بناء على غلبة الظن بالجواز (١).

واجتهد الصحابة في فهم قوله : لا يُصَلِّيَنَّ أحدكم العصر إلا في بني قريظة (٢).

وخرج رجلان من الصحابة في سفر، فحضرت الصلاة، ولا ماء، فتيمما صعيدًا طيبًا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما، ولم يعد الآخر، فقال الرسول للذي لم يُعِدْ أصبت السنة، وقال للآخر: لك الأجر مرتين.

وتمرغ عمار كما تتمرغ الدابة، ولم يُصَلِّ عمر ، وكان هذا عن اجتهاد منهما، ولم يوفقا للصواب (٣)، والوقائع كثيرة.


(١) اختلف في وقفه ورفعه، ورجح شعبة والدارقطني وقفه، وقد سبق تخريجه في كتابي المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (٣/ ٣٧) ح ١١٢.
(٢) أخرجه البخاري (٩٤٦)، ومسلم (١٧٧٠) عن عبد الله بن محمد بن أسماء، عن جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر.
(٣) رواه البخاري (٣٤٧)، ومسلم (٣٦٨) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق،
كنت جالسًا مع عبد الله وأبي موسى الأشعري ....

<<  <  ج: ص:  >  >>