• دليل من قال: لابد من اليقين:
الدليل الأول:
قال تعالى: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ [النجم: ٢٨].
• ونوقش من وجوه:
الوجه الأول:
أن الظن المذموم هو في تحكيم الظن في الأمور العقدية، وهي أمور لا بد فيها من العلم الجازم، بخلاف الأمور العملية، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ [الزخرف: ٢٠].
قال تعالى: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ [فصلت: ٢٣].
الوجه الثاني:
أن الظن يطلق تارةً ويراد به العلمُ، وتارةً يراد به أرجحُ الأمرين، وتارةً يراد به الشكُّ.
فمن الأول قوله تعالى: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٠].
وقال تعالى: ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا﴾ [الكهف: ٥٣].
ومن الظن الذي هو أرجح الأمرين: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٣٠].
ولا يجوز أن يكون بمعنى العلم؛ لأن أحدًا لا يعلم ما هو كائن إلا الله وحده.
ويأتي الظن بمعنى الشك كقوله تعالى: ﴿ .... وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا﴾ [النساء: ١٥٧]، فنفى عنهم العلم وأثبت لهم وقوعهم في الشك، ولو كان يراد بالظن هو الراجح لنفى عنهم الشك.
وقال تعالى: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام: ١١٦].
والخرص: هو الحدس والتخمين، فكان الظن المذموم ما كان بمعنى الشك.
الوجه الثالث:
أن الظن المذموم في النصوص هو ما اتُّبع فيه الهوى ولم يُبْنَ على أصل