وقد رواه ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٣٧٩) من طريق زهير، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: من كان مريضًا فصلى قاعدًا فليسجد على الأرض، فإن لم يستطع فليوم برأسه، ولا يسجد على عود. اه موقوف. وقد أعله الإشبيلي في الأحكام الوسطى (٢/ ١٩) بعنعنة أبي الزبير، وليست هذه العلة بشيء على التحقيق، أولًا: لأن أبا الزبير لم يثبت تدليسه من أهل عصره، وقد تكلم شعبة في أبي الزبير حتى انتقد صلاته، ولم يتهمه بالتدليس مع ما يعرف من تشدد شعبة في التدليس. ولو ثبت فالعنعنة ليست علة في أحد القولين عند أئمة الحديث حتى يثبت أن هذا الحديث قد دلسه، ولا يعرف ذلك إلا إذا ثبت في حديث بعينه أنه لم يسمعه منه، إما بجمع الطرق أو بتصريح إمام من أئمة الحديث، والله أعلم. يقول ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (٢/ ٤٣٥): «إذا كان ثقة يختلف في قبول معنعنه ما لم يقل: حدثنا، أو أخبرنا، أو سمعت، فإنه إذا قال ذلك قبل إجماعًا؛ لثقته، وإذا لم يقل ذلك قبله قوم ما لم يتبين في حديث بعينه أنه لم يسمعه، ورده آخرون ما لم يتبين أنه سمعه». والأول أصح؛ لأن الرواة يتصرفون في الصيغ؛ بدليل أنك ترى أحاديث رواها شعبة عن الأعمش، أو عن أبي إسحاق، أو عن قتادة بالعنعنة مع تصريح شعبة بأنه لم يرو عنهم إلا ما صرحوا فيه بالسماع، والله أعلم. وأشار الذهبي في اختصار سنن البيهقي إلى تجنب كتب الأمهات بإخراجه في كتبهم، فقال (٢/ ٧٤٥): ما خرجوه. وقال ابن القيم في بدائع الفوائد، ط: عطاءات العلم (٣/ ١١٥٥): «فهؤلاء ثلاثة رفعوه: أبو أسامة وعبد الوهاب بن عطاء وأبو بكر الحنفي: فأما أبو أسامة فالعلم المشهور. وأما أبو بكر الحنفي فمن رجال الصحيحين، ووثقه أحمد. وأما عبد الوهاب بن عطاء فاحتج به مسلم. والظاهر أن الحديث موقوف، كما ذكره ابن أبي حاتم على أبيه، والله أعلم». وروي حديث جابر من طريق آخر، رواه أبو يعلى في مسنده (١٨١١) من طريق حفص بن أبي داود، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: عاد رسول الله ﷺ مريضًا وأنا معه فرآه يصلي ويسجد على وسادة فنهاه، وقال: إن استطعت أن تسجد على الأرض فاسجد، وإلا فأومئ إيماء، واجعل السجود أخفض من الركوع. وإسناده ضعيف جدًّا. فيه حفص بن أبي داود: هو حفص بن سليمان إمام في القراءات، وفي الحديث متروك. وابن أبي ليلى سيئ الحفظ، والله أعلم.