للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يثبت مع هذا الاختلاف في مقدار إقامته بمكة عام الفتح أو أي حجة في إقامته بمكة وليست له بدار إقامة، بل هي في حكم دار الحرب، أو حيث لا تجوز الإقامة؟ (١).

ورد هذا الجواب:

لا أعلم أن أحدًا من أئمة الحديث حكم على حديث ابن عباس بالاضطراب. ولا يحكم عليه بذلك إلا إذا تعذر الترجيح والجمع، ولم يتعذرا.

أما وجه الترجيح: فرواية أنه أقام تسعة عشر يومًا أرجح من غيرها للأسباب التالية.

الأول: أنها رواية الإمام البخاري في صحيحه، وهو أصح الكتب بعد كتاب الله ، وقد رواها من طريق ابن المبارك، وأبي شهاب الحناط، وأبي عوانة، عن عاصم، عن عكرمة، عن ابن عباس.

الثاني: أن عاصمًا الأحول لم ينفرد به عن عكرمة، فقد تابعه حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أقام النبي تسعةَ عشرَ يقصُر، فنحن إذا سافرنا تسعةَ عشرَ قصرنا، وإن زدنا أتممنا، وهي في صحيح البخاري (٢).

الثالث: رجح الإمام إسحاق بن راهويه رواية (التسعة عشرة)؛ لأنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة (٣).

وقال البيهقي: «اختلفت هذه الروايات في (تسع عشرة) و (سبع عشرة) وأصحهما عندي رواية من روى (تسع عشرة) وهي الرواية التي أودعها محمد بن إسماعيل البخاري في الجامع الصحيح، فأخذ من رواها، ولم يختلف عليه على عبد الله بن المبارك، وهو أحفظ من رواه عن عاصم الأحول» (٤).

الرابع: أن الروايات الأخرى التي تخالف رواية التسعة عشر لا تسلم من علة.

فرواية أنه: (أقام خمسة عشر يومًا)، أعلت بثلاث علل سبق ذكرها.


(١) الاستذكار (٢/ ٢٤٨).
(٢) رواه البخاري (١٠٨٠) من طريق أبي عوانة، عن عاصم وحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، وتقدم تخريج طريق أبي عوانة ضمن تخريج الحديث.
(٣) انظر: سنن الترمذي، ت: شاكر (٢/ ٤٣٣)، حلية العلماء، ط: الرسالة (٢/ ٢٣٤)، فتح الباري (٢/ ٥٦٢).
(٤) السنن الكبرى للبيهقي (٣/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>