للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قصدوا التوجه إلى القاهرة، فاركبوا بيدرا تحت العصائب السلطانية، ثم مسكوا جماعة من الأمراء الذي (١) تخلفوا هناك منهم: الأمير بيسري، والأمير بكتمر السلحدار، وغيرهم من الأمراء.

فلما وصل هذا الخبر إلى الأمراء الذين كانوا بالقاهرة، فخرجوا على حمية، ومعهم المماليك السلطانية، فلما عَدوا من الجيزة، وَوَصلُوا إلى الطرانة (٢) تَلَاقُوا هُناكَ مَع بَيدرا فوقع بينهما هناك وقعة عظيمة، فلما بَانَ على بَيدرا عينَ الغُلب، فَصَارَ يتسحب من كانَ مَعهُ منَ المماليك السلطانية، ويجي إلى الأمير كتبعًا.

وكان بيدرا قدْ جَمعَ مَعهُ عُربان كثيرة، فلما رأوا حَالَ بَيدرا تلاشي إلى الغُلب، فَلوا عَنهُ وَرَجِعُوا إلى البحيرة، فلم يكن إلا ساعة يسيرة، وقد مُسك الأمير بيدرا ومنْ كانَ مَعهُ من الأمراء، فلما مُسك بيدرا قتلوه المماليك الأشرفية، وشقوا بطنه، وأخرجوا كبدهُ، وَصَارَ كلّ أحدٍ منهُمْ يَقطَّعَ مَعَهُ قطعة، ثُمَ حَزُوا رَأسه وحملُوهَا عَلى رُمح، وقصدوا التوجه إلى القاهرة.

فلما دخلوا إلى القاهرة طافوا برأسه في المدينة، وَهرَبَ مِنْ كَانَ مِنْ عُصِبَةٍ بيدرا، وَهُمْ: الأمير لاجين، والأمير قراسُنقر، وغير ذلك ممن كان من عُصبة بيدرا، ثم إن الأمير سنجر الشجاعي نادى أن أحدًا مِنَ النواتية لا يعدى بأَحدٍ منَ المماليك الذي (٣) كانُوا مع بيدرا هذَا مَا كانَ مِنْ أمر بيدرا بعد قتل الأشرف خليل.

وأما ما كانَ مِنْ أمر الأشرف خليل فأنه أقام بعد قتله ثلاثة أيام، وهو مطروح في البرية حتى قيل: أنَ الذباب أكلوا منهُ جَانب، حَتى قَالَ الشاعر في المعنى، من أبيات:

أَلَمْ تَرى أن الليث حَقًّا تَنَاهَشَتْ … ذياب الفَلا منهُ ذِرَاعًا وَسَاعِدَا (٤)

ثم إن والى تروجة، وهو أيدَمُر الفخري، حَملَ السلطان على جملٍ وَأتى به إلى القاهرة، فَغُسل وكفن وصلى عليه، ودُفن في مدرسته التي بالقرب من السيدة نفيسة.


(١) كذا في الأصل، الصواب "الذين".
(٢) هي بلدة مصرية قديمة بالقرب من بركة النطرون، وهي الآن إحدى قرى مركز كوم حمادة بمديرية البحيرة. (الانتصار ٢/ ٣١١. والنجوم الزاهرة ١١/ ٢٩ هامش (٣).
(٣) كذا في الأصل، الصواب "الذين".
(٤) بحر الطويل.

<<  <   >  >>