للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم رجع إلى دمشق، ثُم رسم للأمير بيدرا النائب بأَنْ يَأْخذ العساكر ويتوجه إلى القاهرة، فتوجّه بيدرا بالعسكر إلى مصر.

وأقام السلطان بَعدَة بدمشق على سبيل التنزة أيامًا، ثم قصد التوجه إلى القاهرة، فدخلها في موكب عظيم.

وكان الأشرف خليل مَسْعُودًا في حركاته، شُجاعًا مِقدامًا صَابِرًا عَلَى القتال والحرب، ولو طال عمره لأفتتح غالب بلاد العراق، ولا يُعرف في أبناء الملوك منْ يُناظره في الشجاعة والإقدام، وعلى هذا قد اتفقوا أرباب التواريخ مِنَ المتقدمين والمتأخرين.

وفي هذه السنة وهي سنة اثنتين وتسعين وستمائة توفي القاضي محيى الدين ابن عبد الظاهر كاتب السّر الشريف، وَهوَ صَاحب الأشعار اللطيفة، وكان مولده في سنة عشرين وستمائة، وَعَاشِ منَ العُمر اثنتين وسبعين سنة، ومن شعره اللطيف، وهو قوله:

شَ كْرًا لنس مة أرض كم … كم بلغت عنى تحية

لا غرو إن حفظت أحا … ديث الهوى فهي الذكية (١)

ثُمَّ دَخلت سنة ثلاث وتسعين وستمائة، فيها: توجّه السلطان الملك الأشرف خليل إلى نحو البحيرة في ثالث المُحرم، وذلك على سبيل التنزة، فَلَمَا مَضى إلى البحيرة توجّه إلى مكان يُعرف بالحمَامَاتِ، وَهوَ غربي تروجة (٢)، فقصد يتصيّد هناك، وكانَ قَصِدَهُ أنْ يدخل إلى الإسكندرية.

فأرسل الصاحب شمس الدين ابن السلعوس إلى ثغر الإسكندرية ليُجهز للسلطان الإقامات والتقادم، فوجدَ غِلمَان الأمير بيدرا النائب بثغر الإسكندرية، وقَدْ استولوا على البهار، وادخروا منه في الحواصل ما ليس مثله في الحواصل السلطانية، فأرسل ابن السلعوس يُكاتب السلطان بما رأى مِنْ حواصل بيدرا، وَمَا فِيها مِنَ البُهار.


(١) بحر الكامل؛ ديوان الصبابة ص ١١٥. خزانة الأدب، ابن حجة الحموي ٢/ ٦٥؛ ولم يرد ذكرهما في بدائع الزهور.
(٢) قرية بمصر من كورة البحيرة من أعمال الإسكندرية؛ وقد اندثرت هذه القرية، ومكانها اليوم كوم تروجة الواقع بحوض تروجة بمركز أبو المطامير بالبحيرة (معجم البلدان ٢/ ٢٧. القاموس الجغرافي ١/ ١/ ١٩٠).

<<  <   >  >>