للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُدفن، ثم أخرجُوهُ بَعدَ ذلك عَلى جَنويّةٍ فغسله وكفنه بعض أصحابه ودفنه في القرافة.

ثم إن الأشرف خليل رسم للشجاعي أنْ يَحتاط على موجود الأمير طرنطاي، فنزل إلى بيته ورسمَ عَلى مُباشرينهِ وَقبض على مماليكه، وجميع حاشيته، وَعَلى نسائه، وسراريه، وأحضر لهم المعاصير وعصرهُم، وَجَعَلَ يُقرَّرهُم على موجوده وأمواله، بقى الشجاعي ينزل في كل يوم إلى بيت الأمير طرنطاي، ويُقرّر جميع [١/ ٢١] حاشيته وعياله فظهر (١) له أشياء كثيرة من الأموال والتحف وغير ذلك.

ثم إن الأشرف خليل أخلع على الأمير بيدرا واستقر به نائب السلطنة عُوضًا عن الأمير طرنطاي.

ولما تم أمر الأشرف خليل في السلطنة واستقامت أحواله؛ أرسل خلف القاضي شمس الدين ابن السلعوس وكان بالحجاز الشريف مِنْ أيام والده المنصور قلاون، فلما صار الأمر إلى الأشرف خليل أرسل له نجاب، وعلى يده مَرْسُومٌ، وَحَشَاهُ الأشرف بخطه، بقلم العلامة بين السُطُور، وهو يقول: "يَا شقير، جُدَّ السير، جَاءَ الخير".

وكَانَ كثيرًا ما يُحشى في مراسيمه بقلم العلامة.

وحشا أيضًا مرسُومًا إلى دمشق، لما رسم بإسقاط مَا كَانَ يُؤخذ مِنْ بَابٍ الجابية على كل حمل من القمح خمسة دراهم مَكسًا، فكتب في مرسومه بين السطور: "ولنكشف عن رعايانا هذهِ الظُّلامة، ونستجلب بذلك الدُّعَاءِ لَنَا مِنَ الخاصة والعامة"؛ وَهوَ أولُ سُلطان حشا في المراسيم بخطه بين السطور.

فلما حضر شمس الدين ابن السلعوس من الحجاز خلع عليه، واستقر به وزيرًا، وفوض إليهِ أَمرَ المملكة جَميعها، وَخُلعَ الشُجَاجي من الوزارة، وكان حضور ابن السلعوس من مكة في ثالث عصر المحرم مع مبشر الحاج.

وَكَانَ أَصَل ابن السَلعُوس تَاجرًا في دمشق، فحضر إلى مصر، وَصَارَ في خدمة الأشرف خليل من أيام والده قلاون، ثم إن ابن السلعوس استاجر للأشرف خليل مواضع كثيرة بدمشق، فحصل له منها ربح كثير، فلما أحضره بين يدي


(١) في الأصل "فطهر".

<<  <   >  >>