للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمعاصير، واستسفى أمواله، وخلعه من الوزارة، ثم أخلع على الأمير بدر الدين بيدرا المنصوري واستقر به وزيرًا (١).

وفي سنة ست وثمانين وستمائة، فيها: توعك جسد السلطان الملك الصالح نور الدين علي ابن الملك المنصور قلاوون، وكانَ قد تسلط في حياة والده المنصور قلاون عندما عزم على المسير إلى حركة التتار، فأركبه بشعار السلطنة، وشق المدينة وزينت له، وطلع إلى القلعة وجلس على سرير الملك إلى جانب والده، وباسوا له الأمراء الأرض، وذلك في سنة تسع (٢) وسبعين وستمائة، وسبب ذلك أن المنصور قلاون كان كثير الأسفار؛ فسلطن ولده الملك الصالح علي ليكون نائبه إذا سافر إلى البلاد الشامية، فأقام الملك الصالح على ذلك مدّة.

حتى دخلت سنة سبع وثمانين وستمائة فمرض الملك الصالح مرضًا شديدًا بعلة الكبد، ورمي الدم وسلسل في المرض مدّة طويلة حتى مات في ليلة الجمعة رابع شهر شعبان سنة سبع وثمانين، فحزن عليه والده الملك المنصور قلاون حزنًا شديدًا، ورمي كلوتتهُ من على رأسه، وصرخ "واولداه".

وكانوا الأمراء جلوسًا على باب الستارة (٣) ينتظرون مَا يَكُون مِنْ أَمْرِهِ، فلما وقع الصراخ دخل الأمير طرنطاي النائب على السلطان، فوجده مكشوف الرأس وكلوتتهُ مرمية على الأرض، وهو يصيح، فلما رآه الأمير طرنطاي على هذه الحالة، فأرمي كلوتته عن رأسه، وكذلك بقية الأمراء واستمر هذا الأمر ساعة.

ثم إن الأمير طرنطاي أخذ شاش السلطان من على الأرض، وباس الأرض هُوَ والأمير سنقر الأشقر الذي تسلطن بدمشق، وناوله للسلطان فدفعه، وقال: "إيش بقيت أعمل بالملك بعد ولدي؟ "، فقالوا له: "تعيش رأس مولانا السلطان"، ثم تقدموا جميع الأمراء وبأسوا الأرض، ووضعوا كلوتَتَ السلطان على رأسه واستمر العزاء قائما في تلك الليلة.


(١) الخبر في جواهر السلوك ١٣٠: في أحداث سنة ٦٨٧ هـ.
(٢) كذا في الأصل، والصواب "سبع".
(٣) كان من أبواب القصور المخصصة لسكنى الملك وحرمه، وقد زال الباب بزوال تلك القصور وحل مكانها السراى الكبري التي أنشأها محمد علي باشا الكبير في سنة ١٢٤٣ هـ لسكناه هو وحرمه. (النجوم الزاهرة ١٤٨/ ١٠ هامش ١).

<<  <   >  >>