للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم دخلت سنة تسع وسبعين وستمائة، فيها: جاءت الأخبار بأن أبغا ملك التتار جهز عساكر عظيمة، وصحبتهم أخوه منكوتمر، فلما بلغ السلطان الملك المنصور قلاون ذلك تجهز، وخرج إليه بنفسه، فجاءت إليه الأخبار في أثناء الطريق بأن التتار ملكوا حلب ونهبوها وأحرقوا الجامع، وقتلوا منها جماعة ثم رجعوا إلى بلادهم لما بلغهم مجيء السلطان.

فلما جاءت الأخبار بذلك، وكان السلطان قد وصل إلى غزة؛ فرجع إلى الديار المصرية، فلما بلغ التتار رجوع السلطان رجعوا إلى البلاد، وأخذوا في أسباب الفساد، فخرج إليهم السلطان ثانيًا، فتلاقى مع عسكر التتار على المرج، وذلك في يوم الخميس رابع عشر رجب سنة ثمانين وستمائة، فوقع بينهما هناك وقعة عظيمة، وقتل من الفريقين جماعة كثيرة، وتقنطر منكوتمر أخو أبغا ووقع إلى الأرض، فلما رأوا التتار ذلك ترجلوا لأجله وحملوه، فلما رأوهم المسلمون قد ترجلوا فحملوا عليهم حملة عظيمة، فكانت النصرة للمسلمين وانكسروا التتار أنحس كسره، وهرب التتار، وكانت هذه الوقعة من الوقعات المشهورة ورجع السلطان إلى الديار المصرية وهو في غاية النصرة.

وفي سنة إحدى وثمانين وستمائة، فيها: قبض السلطان على جماعة من الأمراء، منهم: الأمير بيسري، والأمير بكتوت الشمسي، والأمير كشتغدي، وجماعة كثيرة من المماليك السلطانية من خشداشينه وشرع في إنشاء مماليكه (١). وَفِيهَا: تزوج السلطان الملك المنصور قلاون بأشلون بنت الأمير نكاي، وهي أم ولده الناصر محمد (٢).

وفي سنة اثنتين وثمانين وستمائة، فيها: ابتدأ السلطان الملك المنصور قلاون بعمارة القبة والمدرسة والبيمارستان التي بين القصرين؛ وقيل: انتهى منهم العمل في مدة عشرة أشهر، على ما نقل في الأخبار.

قيل (٣): وكان سبب بنائه لهذا البيمارستان أن الملك المنصور قلاون أمر بقتل جماعة من العوام، بسبب أمور وقعت له معهم، فأوجبت تغير خاطره عليهم،


(١) في جواهر السلوك، ص ١٢٩: في أحداث سنة ٦٨٠ هـ.
(٢) في جواهر السلوك ص ١٢٩: في أحداث سنة ٦٨٠ هـ.
(٣) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٣٥٤: نسب القول للشيخ تقي الدين المقريزي؛ أورد المقريزي سبب البناء وهو غير المذكور هنا. (انظر: المواعظ والاعتبار ٤/ ٢٦٨).

<<  <   >  >>