للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما بلغ الأمراء ذلك خرجوا من دمشق، وأقاموا بالمرج (١)، ثُمَّ إِنَّهُمْ رَحلُوا عَنِ المرج، ونزلوا بالجسُورَة (٢) وَقدْ أظهروا الخلاف والعصيان على الملك السعيد، فلما بلغه ذلك فأرسل إليهم الأمير شنقر الأشقر، فلاطفهُمْ فأبوا الصلح.

فلما عاد الجواب بذلك فركبت خوند والدة الملك السعيد، وكانت سافرت معه إلى الشام، فلما جرى هذا الخُلف بين الأمراء وبين ابنها الملك السعيد فركبت وتوجهت إلى الأمراء بنفسها، وكان الأمراء نازلين بمكان يُقالُ له الكسوة (٣) بالقرب من دمشق، فلما اجتمعت بهم مشت بينهم وبين ابنها في أمر الصلح فأبوا من ذلك فرجعت والمجلس مانع.

ثم إن الأمراء رحلوا وقصدوا التوجه إلى نحو الديار المصرية، ثم إن السلطان الملك السعيد رحل أيضًا من دمشق، وقصد التوجه إلى مصر وجمع معه جمًا كثيرًا من عسكر الشام ومن عربان نابلس، ونفق (٤) عليهم الأموال، وصل إلى غزة، فصار أكثر العُربان يتسحبون من عنده وكذلك عسكر دمشق وجماعة من النواب، ولم يبق مع السلطان الملك السعيد إلا مماليكه خَاصَةٌ وَمِنَ الأمراء سنقر الأشقر.

فلما وصل إلى المطرية (٥) فبلغ الأمراء الذين بمصر مجيء السلطان فركبوا وَخرجوا إليه على حميّة، وَكانَ في ذلك اليوم ضباب عظيم، وهذا من لطف الله بالمسلمين فسترَ اللهُ عَلى الملك السعيد حتى طلع إلى القلعة ونجي بنفسه.

فلما بلغ الأمراء طلوع السلطان إلى القلعة فرَجِعُوا من المطرية، وَحَاصِرُوهُ وهو في القلعة ثم إن المماليك السلطانية صَارُوا يتسحبُونَ مِنَ القلعة وينزلون إلى الأمراء واستمر الحرب ثائر بينهم سبعة أيام.


(١) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٣٤٤: "المرج الأصفر"؛ وفي النجوم الزاهرة ٧/ ٢٦٦: "مرج الصفر"؛ وموضعها بين دمشق والجولان صحراء. (معجم البلدان ٣/ ٤١٣).
(٢) بظاهر دمشق (انظر: نزهة الممالك والمملوك، ص ١٢٦).
(٣) قرية هي أول منزل تنزله القوافل إذا خرجت من دمشق إلى مصر. (معجم البلدان ٤/ ٤٦١).
(٤) كذا في الأصل. والصواب "أنفق".
(٥) من قرى مصر بمحافظة القاهرة، عندها الموضع الذي به شجر البلسان الذي يستخرج منه الدهن فيها والخاصية في البئر، يقال إن المسيح اغتسل فيها. (انظر: المصدر السابق ٥/ ١٤٩؛ القاموس الجغرافي ١/ ٢/ ١١).

<<  <   >  >>