للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ذلك اليوم توجهوا بالأمير يشبك الجمالي أحد الأمراء المقدمين إلى القدس الشريف، لكون أنه كان من جماعة أمير كبير، فلما توجه إلى القدس أقام به مدة، ومات هناك في أثناء سنة إحدى وتسعمائة.

وأما الأتابكي أزبك فإنه توجه إلى مكة، وأقام بها إلى أن عاد إلى القاهرة، كما سيأتي ذكر ذلك في موضعه، وكان أمر هذه الواقعة أول الفتن بين الأمراء، واستمرت الفتن من يومئذ عماله بين العسكر، كما سيأتي ذكر ذلك في مواضعه.

ثم إن السلطان لما توجه الأتابكي [٢٣٨/ ١] أزبك إلى مكة، أخلع على المقر السيفي تمراز الشمسي قريب المقام الشريف واستقر به أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن أزبك، وذلك في مستهل صفر سنة إحدى وتسعمائة؛ وأخلع على المقر السيفي تاني بك الجمالي واستقر به أمير سلاح عوضا عن تمراز؛ وأخلع على المقر السيفي أزبك اليوسفي واستقر به أمير مجلس عوضًا عن تاني بك الجمالي؛ وأخلع على المقر السيفي تاني بك قرا واستقر به رأس نوبة النوب عوضًا عن أزبك اليوسفي؛ وأخلع على الأمير شادى بك واستقر به أمير أخور عوضًا عن قانصوه خمسمائة؛ وأخلع على الأمير أينال الخسيف واستقر به حاجب الحجاب عوضًا عن ثاني بك قرا؛ وأنعم على الأمير قائم قريب المقام الشريف بتقدمه ألف؛ وأنعم على جماعة كثيرة من الأمراء بأمريات أربعين وأمريات عشرة عوضًا عن من ركب مع الأمير قانصوه خمسمائة واختفى في هذه الحركة.

ثم إن الأمير أقبردي الدوادار عظم أمره في هذه الحركة، وصار صاحب الحل والعقد بالديار المصرية، واجتمعت فيه الكلمة، وصار السلطان في يده مثل اللولب يدوره كيف شاء، كما قيل:

إذا تم أمر دنا نقصه … توق زوالا إذا قيل تم (١)

ثم دخلت سنة إحدى وتسعمائة، فيها بدأ للسلطان توعك في جسده (٢)، فنادى للعسكر بالعرض، فلما اجتمعوا رسم لهم بالنفقة، فنفق عليهم نفقة كاملة حتى على الخدام، وأولاد الناس، وكانت هذه النفقة على حين غفلة من غير سبب لذلك ولا موجب.


(١) بحر المتقارب؛ لم يرد في بدائع الزهور.
(٢) في بدائع الزهور ٣/ ٣١٠: بدأ توعك السلطان سنة ٩٠٠ هـ.

<<  <   >  >>