للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رأس نوبة النوب، وعلى الأمير أزبك من ططخ صهر الملك الظاهر جقمق، وعلى الأمير برقوق الظاهري [١/ ٢١٣] إحدى الأمراء العشراوات، فقبض عليهم في القصر الكبير وقيدهم، ونزل بهم من القلعة، والأوجاقية خلفهم بالخناجر حتى أوصلوهم إلى البحر فتوجهوا بهم إلى السجن بثغر الإسكندرية، فلما وصلوا بهم إلى الأسكندرية أقاموا بها ثلاثة أيام، فطلع الأتابكي قائم التاجر هو والأمراء فشفعوا فيهم، فرسم لهم السلطان بالعود فعادوا إلى القاهرة، وطلعوا إلى القلعة، فأخلع عليهم واستقروا على وظائفهم، وذلك في أواخر سنة ثمان وستين وثمانمائة بعد قتله جاني بك نائب جدة بمدة يسيرة.

ومن الحوادث في أيامه أنه استقر بشمس الدين البباوي (١) وزيرًا بالديار المصرية، وكان عاميًا أميًا لا يقرأ ولا يكتب، ولا يعرف اسمه من اسم الحمار، فلما تولى الوزارة صار له حرمة وافرة، وكلمة نافذة، وهابته جميع الناس، وصار يقول: "كل مباشر لا يسد فعلي سداد وظيفته"، ولما عزل الأمير زين الدين الأستادار تسلمه البباوي وأراد أن يعصره، ثم عفى عنه، وكانت ولايته في الوزارة في أواخر سنة تسع وستين وثمانمائة (٢)، وكان أسمر اللون، غليظ البدن، في كلامه عترسه، وكان لا يقبل رسالة من أحد من الأمراء، وكان شديد البأس، يابس الطبع، وفيه يقول بعض الشعراء:

قالوا البياوي (٣) قد وزز … فقلتُ كلا لا وزر

الدهر كالدولاب لا … يدور إلا بالبقر (٤)

وقال بعضهم أيضًا:

مرض الزمان وقد تمسك طبعه … من شر قولنج به يتمغس

حقنته أراء الملوك فجائه … أهلُ المناصب كل شخص مجلس (٥)

واستمر البباوي في الوزارة مُدةٍ نحو سنتين، وسكن في بيت الوزارة الذي في بركة الرطلي، فنزل في مركب وتوجه إلى بعض أشغاله، فلما عاد في المركب انقلبت به عند رأس الجزيرة الوسطى، وهو داخل إلى خليج الزريبة،


(١) في بدائع الزهور ٢/ ٤١٤: "البباى".
(٢) في بدائع الزهور: تولى الوزارة في يوم الإثنين ربيع الأول سنة ٨٦٨. (انظر: بدائع الزهور ٢/ ٤١٤).
(٣) في بدائع الزهور ٢/ ٤١٦: "البباى".
(٤) بحر مجزوء الرجز.
(٥) بحر الكامل؛ البيتان لمحيي الدين بن عبد الظاهر. (انظر: شرح لامية العجم (١٠٨).

<<  <   >  >>