وكان لما ثقل في المرض خلع نفسه من السلطنة، وعهد إلى ولده الأتابكي أحمد، وعاش بعد خلعه من السلطنة أيامًا حتى مَاتَ.
وكان صفة الملك الأشرف أينال طويل القامة، أسمر اللون، خفيف العوارض، وكان يُعرف بأينال الأجرود.
وكان ملكًا حليمًا هينا لينا، قليل الأذى للرعية، ولولا جور مماليكه في حق الناس لكان خيار ملوك الترك من الجراكسة وغيرهم، وكانت أيامه كلها لهو وانشراح، وكان غالب الأمراء أصهاره، ودام في السلطنة حتى مَاتَ على فراشه بين أولاده.
وفي أيامه أخرج تجريدة إلى ابن قرمان لما أظهر العصيان على السلطان، فأرسل السلطان إليه تجريدة، وكان باش العسكر المقر السيفي خشقدم أمير سلاح، وصحبته جماعة من الأمراء المُقدمين والعشراوات والمماليك السلطانية، فلما توجهوا إلى ابن قرمان هرب منهم، ولم يحصل بينهم قتال، فرجع العسكر وهم سالمون إلى الديار المصرية.
وأرسل في أيامه أيضًا تجريدة إلى بلاد الفرنج، وكان باش العسكر المقر السيفي يونس الدوادار، وجماعة من الأمراء، ولما أخرج السلطان [٢٠٦/ ١] هذه التجريدة رسم بعمارة مراكب أغربة نحو اثني عشر غُرابًا، فلما كملت عمارة هذه الأغربة نزل السلطان إلى الجزيرة الوسطى، وكشف على الأغربة، وكان يوم نزوله إلى الجزيرة يومًا مشهودًا، وأخلع على الأمير سنقر قرق شبق الزردكاش خلعة لكون أنه كان مُشدّ العمارة على الأغربة، فلما سافر الأمراء إلى بلاد الفرنج أقاموا مُدّة يسيرة، ورجعوا إلى الديار المصرية، وهم سالمون لم يُفقد منهم أحد.
ومما أحدثه في أيامه: وهو أنه أبطل معاملة الفضة العتيقة جميعها، وأخرج فضه جديدة تُصرف مع كلّ أشرفي بخمسة وعشرين نصف، وبطلت تلك المعاملة القديمة التي كانت تُوزن بالميزان، فنقصت الفضة العتيقة الثلث فحصل للناس بذلك بعض مشقة، وخسروا في هذه الحركة جُملة، مال، وكان القائم في ذلك المقر الجمالي يُوسُف ناظر الخاص. وكانت دولة الملك الأشرف أينال ثابتة القواعد.